بعد الإطاحة باطول حكم شمولي جثم على البلاد وشعبها لثلاثة عقود عبر ثورة ديسمبر المجيده التي أسقطت دكتاتورية البشير ونظامه في حراك جماهيري استمر لأربعة أشهر تنسم الشعب الحريه والانعتاق من الشموليه والذهاب إلى بناء الدوله المدنيه الديمقراطيه إلا ان الطريق لم يكن مفروشا بالورود وبانت نية العسكر في السيطرة على السلطه ودعوتهم للانتخابات بعد عام من تشكيل المجلس العسكري الانتقالي ونسوا أو ربما تناسوا شعارات الثورة حريه. سلام . عداله وكيفية تحقيقها ومع من تحقق؟ وكيف؟ ومتى؟
وكانت الاجابه حاضره من خلال رؤى وتصورات قوي الثورة للفتره الانتقاليه وبرامجها والمده التي يمكن أن تحقق تلك الرؤى وتحقق السلام وتزيل تمكين النظام القديم، وفي ظل التلويح بالانتخابات من قبل المجلس العسكري كانت قوي الثوره ومَؤيديها وغالب جماهير الشعب السوداني تعمل لتشكيل حكومه مدنيه تحقق شعارات الثوره واقعا وفي ظل هذا الوضع حدثت فاجعة فض الاعتصام من أمام القياده العامه للجيش مما زاد الوضع تعقيدا وبدأت موجة الثوره في نسختها الثانيه والمطالبه بالقبض على الجناه ومحاكمة منفذي تلك الجريمه البشعه التي ذهب فيها مئات الشهداء وكذلك من الجرحى والمفقودين، واشتد حراك الشارع وكانت مليونية ٣٠ يونيو التي ايقظت المجلس العسكري من حلمه في حكم البلاد منفردا، وجرت مفاوضات بوساطة الاتحاد الأفريقي وبدعم من دول الترويكا أفضت للوصول لاتفاق تم بموجبه الاتفاق على دستور انتقالي ( الوثيقه الدستوريه) المعطوبه، المنقلب عليها لاحقا.
وبموجب تلك الوثيقه تم تشكيل الحكومه بمجلسيها السيادي والوزاري في نسختها الأولى، وبعد مارثون تفاوضي احتضنته جوبا مع بعض من الحركات المسلحه تم الوصول لاتفاق سلام مع الجبهه الثوريه مما أفضى لتعديل الوثيقه الدستوريه ليشارك قادة الحركات في الحكومه بنسب منصوص عليها في اتفاق جوبا، ممافتح الباب على مصراعيه للقوى السياسيه الأخرى للمحاصصات وبالتالي ساهمت هذه المحاصصات في تفكيك القوى المكونه للحكومه وخلق صراعات وتحالفات تحت التربيزه مما اضعف من قوة القوى المدنيه، ودفع المكون العسكري في التفكير بحكم البلاد منفردا، وكل تلك الصراعات المدنيه المدنيه والتأخير في استكمال هياكل السلطه خصوصا المعنى بها رئيس الوزراء من مفوضيات وآليات أخرى وكذلك المجلس التشريعي. كل تلك العوامل دفعت بالعسكر بالانقلاب على الوضع الدستوري في ٢٥ أكتوبر وعادت نغمة الانتخابات مجددا، تحديدا من مايسمى بالخبراء الاستراتيجيين ونظرتهم السطحيه لأوضاع البلاد. ولوح البرهان بالذهاب للانتخابات وأنهم سيسلمون السلطه لحكومه منتخبه، ولكن لانعرف أن الأحزاب تخشى الانتخابات ولايمكن أن تخشاها لأنها أرقى آليه للوصول للسلطه بعد إقناع الناخبين باطروحاتها ، يبدو أن مسلسل الحكم العسكري في السودان مازال معشعشا في أفكار بعض الجنرالات. ولكننا نقول قد ولى زمن حكم العسكر ولا بديل للديمقراطية الا الديمقراطيه وسيادة حكم القانون