ولاء البوشي هي وزيرة في حكومة انتقالية موجودة اليوم وستذهب غداً بعد انتهاء مهمتها المحددة والمحدودة زمنياً، لكن مثل عبد الحي يوسف وجماعته وبيعتهم له بوصفه )أمير المؤمنين(، فذلك فعل خطير وله تداعيات لا يعرف أحد مداها الزمني ولا حجم تداعياتها الخطيرة على أمن وسلامة الوطن وأهله، خاصة وأن هذا التنصيب الذي حدث لعبد الحي كأمير للمؤمنين من بعض أتباعه، يشابه تقاليد الجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة وتحديداً تنظيم )داعش(، وقد يكون بمثابة فرصة بالنسبة لهم ظلت هذه الجماعات تبحث عنها سنوات حتى تجد موطئ قدم لها في السودان.
اختلاف الناس سياسياً وفكرياً مع ولاء البوشي، الوزيرة في الحكومة المؤقتة، لا يجب أن يدفع بهم لمناصرة ودعم هذا الرجل المتطرف والزج ببلادنا في محرقة الإرهاب والتطرف بالمبدأ الميكافيلي المختل الذي يقول إن الغاية تبرر الوسيلة.
الخصومة السياسية مهما فجرت ليس هناك مقارنة بينها وبين مواجهة الفكر المتطرف الذي يعتقد بتكفير الآخرين وإهدار دمهم، وبذلك يعتبر أن تصفيتهم هي نوع من الجهاد في سبيل الله والسعي إلى رضا الرحمن الرحيم الغفور الكريم عزَّ وجلَّ.
وفي الواقع أن الجدوى ليست كبيرة من محاولة مخاطبة عقول المتطرفين أمثال عبد الحي يوسف أو مناقشة مواقفهم أو لفت انتباههم لمخاطر الخطوات التي يقومون بها، لذلك فالخطاب هنا موجه لفئتين؛ الأولى هي الفئة المعارضة لـ)قحت( وحكومتها من الإسلاميين الذين اعتبروا بسوء تقدير، أن معركة عبد الحي يوسف تخدم موقفهم فدعموها. أما الفئة الثانية التي نوجه لها خطابنا فهي فئة المناصرين للوزيرة والذين يعتبرون بسوء تقدير أيضاً، أن هذه المعركة مهمة وضرورية لتصفية التطرف.. نقول للفئة الأولى إن دعم عبد الحي لا يخدم موقفهم السياسي بل يهزمه أكثر، أما الفئة الثانية فنقول لها وللحكومة الانتقالية، إنه لم يكن مناسباً لمصلحة البلاد أن تواصل الوزيرة البوشي منازلة عبد الحي يوسف في المحاكم أو الدخول مع هذه الجماعة في مواجهة كالتي نشهدها الآن؛ لأن نتيجة تلك المواجهة كان يجب أن تكون بالنسبة لهم واضحة مسبقاً ومتوقعة ومعروفة، وهي تنشيط تلك الجماعة لنفسها وظهور عبد الحي يوسف وجماعته بتلك الصورة التحريضية في الوقت الذي تخضع فيه البلاد لمراقبة دولية وتقييم لإمكانية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
هل فات ذلك الأمر على حكومة حمدوك وهو الذي يبحث عن الشواهد والدلائل التي يؤكد بها للعالم عدم وجود مخاطر إرهابية في السودان وليس العكس..?!
أين هو الذكاء السياسي في ما حدث ومقاطع عبد الحي يوسف تملأ الأسافير الآن.
صحيح أن العالم لن يتهم حكومة البوشي باحتضان هذه الجماعات، لكن مجرد وجود هذا المشهد وظهور تلك الجماعة بهذا الحجم في السودان، يكفي لتردد الولايات المتحدة ألف مرة أخرى قبل أن تزيل اسم بلادنا من قائمتها السوداء..!
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.