تابعنا أمس المؤتمر الصحفي لرئيس لجنة التحقيق في حادثة فض الاعتصام، وكانت خلاصة النتائج أن اللجنة برأت المجلس العسكري من تهمة فض الاعتصام وأكدت تورط “7” ضباط، اكتفى التقرير بالإشارة فقط إلى الأحرف الأولى من أسمائهم أحدهم برتبة لواء وآخر برتبة عميد وثالث برتبة عقيد، وضابطان برتبة مقدم، ورائد فضلاً عن “رقيب” من قوة الحماية وقوات معسكر الصالحة ومكافحة الشغب بقوات “الدعم السريع” في فض الاعتصام وقتل وجرح المعتصمين، ووجهت لهم تهماً تصل عقوبتها الإعدام والسجن المؤبد.
وإن كان ثمة تعليق فيمكن القول إن التقرير لم يأت بأي جديد وبدا وكأنه إعادة لما كان يردده المجلس العسكري من عدم صدور تعليمات من المجلس بفض الاعتصام، وأن التعليمات التي صدرت تركزت فقط في فض منطقة “كولمبيا” على اعتبار أنها أصبحت وكراً للجريمة وممارسة الموبقات، وأن ضباطاً جنحوا وتجاوزوا وخالفوا التعليمات ومضوا إلى فض الاعتصام .
قد يكون الأمر الجديد في التقرير هو تلك “الأحرف الأولى” من أسماء المتهمين السبعة، لكن ما نعلمه أن التعليمات في الجيش تأتي من أعلى رتبة مما يستدعي سؤالاً مهماً حول الرتب الأعلى التي أصدرت التعليمات للواء (أ. س. أ).؟ ..
ثمة فرضية أخرى وهي أن تكون هناك جهة “حزبية” أو قيادات مدنية أصدرت التعليمات للواء المتهم بفض الاعتصام وقتل المعتصمين، هذا الأمر يستدعي طرح السؤال المشروع : هل ثمة جهة حزبية، أو أي شخصيات مدنية أصدرت تعليمات بفض الاعتصام بالقوة وقتل المعتصمين ؟ وإذا وُجدت من هي هذه الجهة؟ نطرح هذين السؤالين لأن إصدار التعليمات من “الملكية” ما عاد أمراً مستغرباً بعد اعترافات الفريق أول ركن هاشم عبدالمطلب رئيس هيئة أركان الجيش السوداني بأنه تلقى توجيهات أو قل “تعليمات” من الزبير أحمد الحسن، وعوض الجاز، وعلي كرتي، ونافع علي نافع بالتراجع عن تنفيذ الانقلاب، وقد فعل..
بقراءة متأنية بين سطور نتائج التحقيق التي أذاعها رئيس اللجنة يمكن القول أيضاً إن التقرير لم يكن على النحو المطلوب من الشفافية والوضوح، لذلك جاءت النتائج تكتنفها كثير من أوجه الغموض التي تحتاج إلى إزالة، ودون المأمول حتى للذين ارتضوا هذه اللجنة، أنها اغفلت الإجابة عن الكثير من التساؤلات المهمة، مما حدا برئيس اللجنة إلى الاحتماء بعبارة “أن التحريات ما زالت جارية والأبواب مفتوحة لمزيد من الأدلة” وفي ذلك اعتراف بأن النتائج جاءت منقوصة وغير مقنعة، ويضاف إلى ذلك أيضاً أن رئيس اللجنة تحاشى أسئلة الصحافيين تجنباً للحرج، وأغلق الباب أمام الصحافة بحجة عدم اكتمال التحقيقات مع المتهمين الموقوفين..
لذلك يبدو من الضروري التمسك باللجنة الوطنية المستقلة التي تم الاتفاق على تكوينها بواسطة الحكومة المدنية المقبلة، وهي لجنة منصوص عليها في الاتفاق السياسي بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، ولا مجال لأية خيارات أخرى ولابد من التشدد في هذا الأمر وتنفيذ الاتفاق كاملاً… اللهم هذا قسمي فيما أملك..