صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

نبوءة الباز

13

للعطر افتضاح
د. مزمل أبو القاسم
نبوءة الباز

* أقول لزميلي الحبيب عادل الباز إن السؤال عن مستقبل السودان ليس ممنوعاً، ولا ينبغي له أن يكون كذلك، إلا إذا أسلمنا أمرنا إلى يأسٍ من شأنه أن يكسب المعارك، أو كما كتب عادل نفسه، عندما نعنى الإنقاذ قبل اندلاع الثورة بعدة أشهر.
* يومها خطَّ مقالاً عادل أثار حفيظة أصدقائه القدامى عليه، وكتب فيه ما يلي: (لن يكون أمام النظام، مع اشتداد وطأة الأزمة الاقتصادية وانسداد الأفق السياسي، من خيارٍ سوى الحل الأمني، وهو الخيار الذي يبدو أن الحكومة اعتمدته واستعدت له جيدا فخصصت له 29 تريليون جنيه بالقديم من ميزانية العام المقبل، غير أن هذا الخيار يعاني من إشكالين رئيسيين، الأول يتعلق بعدم جدواه، وهو ليس ممكناً، بل مستحيل، وبلا أفق، لو أنفقت فيه الحكومة الموازنة كلها، تلك الحكمة التي لم يتعلمها الساسة من دروس التاريخ بعد، رغم حروبنا المتطاولة، ذلك أن قضايا السلام المعقدة لن تُحّل بالحرب، ذلك محض وهم، الأمر الثاني اتضح أن القوة الناعمة التي تقبع خلف الكبيوردات بإمكانها أن تهدد الأمن وتعصف بالاستقرار وتهدد الإنتاج بأكثر مما تفعل الحركات المسلحة والأحزاب المعارضة، ثم إن الذي بيده الأمن كله قدَّم إطعام الناس على تأمينهم “الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ”، ومتى ما اختلت معدلات الاقتصاد وانتشر الجوع “46 % معدلات الفقر” فلا يمكن أن يستتب الأمن، لو أنفقت الحكومة ما في خزائن الأرض جميعا).
* أنهى عادل المقال بعبارة (غالباً ما يكسب اليأس المعارك)، وصدقت توقعاته، التي تشبه النبوءات القديمة في قدرتها على قراءة الواقع واستجلاء حُجب المستقبل.
* مضت الأيام حثيثاً وكسب اليأس معركته مع سلطة الإنقاذ، لكننا أسلمنا الوطن إلى يأس آخر، واستبدلنا واقعاً بائساً بآخر أشد منه بؤساً، وأوفر نشراً للإحباط.
* عندما كتب عادل ذلك المقال كانت البلاد تستند إلى سلطةٍ تنفيذيةٍ كاملة، بحكومة اتحادية وحكومات ولائية، وكان المستوى التشريعي يتوافر على مجلسٍ وطنيٍ ومجالس تشريعية ولائية، وكان المستوى الثالث للسلطة (المحلي) مكتمل الأركان.. حالياً لا يوجد سوى مجلس عسكري، وتحته فراغ عريض.
* على المستوى السياسي كانت البلاد محكومة بتحالف قوي جمع المؤتمر الوطني مع عدد كبير من الأحزاب والحركات، حالياً يتكئ المجلس العسكري على شرعية البندقية وحدها، بلا أي سند سياسي.
* الأزمة الاقتصادية تراوح مكانها، وتستحكم، والجوع يستفحش أكثر.
* الوضع الأمني أسوأ مما كان عليه قبل الإنقاذ، بدليل أن حميدتي اعترف أمس بأنهم رصدوا أكثر من (500) خرق أمني، انتحل فيه مسلحون صفة الدعم السريع داخل العاصمة وحدها.
* التجمعات محظورة، والإنترنت مقطوع، بقرار أعادنا به المجلس العسكري إلى العصر الحجري.
* إن لم نتساءل عن أفق الحل في مثل هذا الوضع المزري، فمتى نسأل؟
* السؤال ليس ممنوعاً، وهو موجه بدءاً للمجلس العسكري بصفته المتحكم في السلطة، ليعلم أن الحل الأمني وحده لن يغني عنه شيئاً، ولو كان مجدياً لنفع من سبقوه.
* إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتحرير أسرى الحركات، والاعتراف بالتفلتات الأمنية ومحاكمة مرتكبيها بسرعة خطوات إيجابية، بمقدورها أن تمهد الطريق لحل سياسيٍ يتم إبرامه بروح الحرص على استقرار الوطن.
* سوء الواقع يدفعنا إلى توجيه النصح لقوى الحرية والتغيير، مثلما فعل عادل كي تخفض سقفها قليلاً، مع مواصلة النضال داخل دهاليز السلطة التنفيذية والتشريعية، حفظاً لأمن الوطن، وتسريعاً للحل، وحقناً للدماء، وتنفيذاً لمقولة (ما لا يُدرك جُله، لا يُت

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد