معروف عن الإمام الصادق المهدي أنه ليس راو للطرائف والملح والنكات والأمثال والحكايات الشعبية فحسب، بل ﻭﻣﺆﻟﻒ ﻟﻬﺎ، ويعتبر مرجعاً فيها (ديكشنري الشعبيات السودانية)، بما يمتلكه من ذخيرة واسعة من مفردات وأمثال وحكم وحكاوي وأحاجي وغلوتيات شعبية، ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻳﻄﻠﻘﻬﺎ ﻋﻔﻮ ﺍﻟﺨﺎﻃﺮ ﻫﻜﺬﺍ (ﻗﻄﻊ ﺃﺧﻀﺮ) ﻭﻟﻴﺪ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ومما أذكره في هذا الصدد واقتضته المناسبة، هو قوله في وقت سابق وفي معرض تعريضه بمعارضة المؤتمر الشعبي التي كانت تتم على طريقة رجل في الطوف ورجل في المركب، أو ان شئت نص كم في المعارضة ونص كم في الحكومة، (الشعبي داير يلقط النبق دون أن يهز الشجرة)، وبهذا المعنى الذي عناه الإمام الصادق المهدي يعتبر أي تغيير أو تشكيل حكومي وشيك هو موسم لتلقيط النبق ينتظره من يهز الشجرة ومن لا يهزها أيضاً..
ﻭما أشبه الليلة بالبارحة، ليس فقط بارحة د. علي الحاج الأمين العام للمؤتمر الشعبي بل أيضاً آخرين كثر، منهم من لم يهز الشجرة ومنهم للعجب حتى ﻣﻦ كان يسندها حتى لا تتهاوى بفعل رياح الغضب الشعبي، فأسمع ما قاله الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي القيادي بالتنسيقية د. علي الحاج خلال مؤتمر صحفي عقد بدار حزبه، قال إن هناك بعضاً من أعضاء الحكومة مطلوبون للعدالة الدولية ويسعون للحصول على الحصانة مؤكداً أنهم سيتصلون بالمحكمة الجنائية وتحريك كافة الملفات، وقبل ذلك كان قد أعلن عن عدم اعترافهم بالوثيقة الدستورية التي وقعت مابين المجلس العسكري الانتقالي وقوى اعلان الحرية والتغيير، مضيفاً بأنهم سيمزقونها وليسوا جزءً منها وسيقفوا ضدها بشتى الوسائل السلمية ولن يقفوا حيالها متفرجين، دامغاً الطرفين بممارسة الاقصاء، وهذه لعمري ذات انتهازية من لم يهز الشجرة ويريد تلقيط النبق، أما مسألة الاقصاء والثنائية فهي محض تحجج وتذرع ثعلبي، فالثعلب حين عدم الحجة المنطقية للانقضاض على الديك، ثار عليه واتهمه باثارة الغبار في وجهه وهما في عرض البحر، وهكذا فعلوا مع قوى الثورة التي بدأت باقصاء نفسها عن المناصب السيادية والوزارية، فقد قالوا لهم وأكدوا وأعادوا وزادوا بأن لا إقصاء ولا عزل، ولن تطال المحاسبة إلا القتلة والسارقين ومنتهكي الحقوق والمتآمرين وبالقانون، وبالحق وبالمنطق لن يحصل من اشتغلوا سنيدة للنظام حتى سقطوا معه ولو على نبقة واحدة وعليهم أن ينتظروا موسم الانتخابات، أما اذا أصروا على النبق فعليهم استذكار حكاية الكسيح مع العميان حين ذهبا معاً لـ( تلقيط النبق).. صعد الكسيح بمعاونة الاعمى الى أعلى الشجرة، بينما جلس هو على الأرض وافترش جلبابه ليتساقط عليه النبق ومضت مدة دون أن يسقط الكسيح نبقة واحدة، فهاجمه الاعمى وهاج فيه، وفجأة يفقد الكسيح توازنه ويسقط (دُل) على الجلباب، فيهتف الاعمى فرحاً (أيوه كدا من قبيل ما ترمي نبق زى دا)..