صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

موافقون.. يا سيد بشارة !!

11

حديث المدينة
عثمان ميرغني
موافقون.. يا سيد بشارة !!

السيد بشارة جمعة أرور وزير الإعلام.. تحدَّثَ في جلسة حوار صحفي مساء أمس.. استضافها الأستاذ علي حمدان بمقر صحيفة “المستقلة”.. فسأل باستنكار.. لماذا يحتجُّ الناس على الحكومة في ارتفاع أسعار الخبز ولا يحتجون عليها في ارتفاع أسعار اللحوم.. ولماذا يشتري الناس “الفول” بأغلى الأسعار ويصبرون عليه، وبينما يتظاهرون إذا ارتفع ثمن الخبز.. وتفضل بتقديم الإجابة قائلاً.. إنَّ الناس تحتجُّ على ما هو في يد الحكومة.. بينما تصبرُ على ما هو في يد غيرها..
ورغم غرابة ما قاله السيد بشارة أرور وهو كما تعلمون وزير الإعلام والاتصالات وتقانة المعلومات.. وأيضاً الناطق الرسمي باسم الحكومة.. إلاَّ أنَّ الذي يهمني هو الفقرة التالية في حديثه.. قال )ليس مهمة الحكومة أن تطعم الشعب(!!
ولو كانت هذه المقولة على صفحته هو في “الفيس بوك” لوضعت عليها من عندي مائة علامة إعجاب “لايك”.. فأنا أتفقُ معه تماماً.. ليس مهمة الحكومة أن تطعمنا من جوع .. )عفيناها لله والرسول(.. فلا نحتجُّ على ارتفاع أسعار الخبز ولا الفول ولا اللحوم ولا الغاز ولا حتى الباسطة.. بشرط!!!
بشرط واحد فقط لا غير.. أن تخرج الحكومة من حياتنا كلها.. فلا يعقل أن ترفض أن تكون مسؤولة عن إطعام الشعب، بينما تصرُّ أن تكون مسؤولة عن كل تفاصيل حياتنا .. تنظم حتى الزواج الجماعي.. وتفوجُ المعتمرين والحجاج )وقبل سنوات قليلة كانت تبيع لهم الإحرام والشبشب وشنطة السفر( ..
كتبتُ هنا مراراً أنَّ الحكومة الصغيرة تصنع شعباً كبيراً.. وكلما كبرت الحكومة صغر الشعب.. صحيح حكومات الدول المتقدمة لا تثور شعوبها لارتفاع الخبز .. لأنَّ الطعام يوفره القطاع الخاص الذي يتحرك في مساحة واسعة، بينما تكتفي الحكومة بتنظيم شؤون الدولة والسيادة.. لكن في سوداننا المجيد كانت الحكومة تلزم الشعب أن يهتف )أبوكم مين.. نميري( فالحكومة أمنا وأبونا وأخونا الكبير الذي يؤدبنا عندما )نقل أدبنا(، ونسأله ما باله تأخر في توفير الخبز أو الدواء أو السيولة..
نوافقُ على رأي السيد بشارة أرور وزير الإعلام أن لا تكون الحكومة مسؤولة عن إطعامنا.. لكن في المقابل لماذا لا )تحل الحكومة عن سمانا( وتتركنا ندير مجتمعنا بكامل إرادتنا وحر رغبتنا.. لماذا تصرُّ الحكومة أن تتدخل في ملابسنا.. وتحدد مقاسات البنطال والحذاء.. ولماذا تصر أن ندفع رسوم الفرح لمن يقيم حفلاً في منزله أو النادي أو حتى صالة .. لماذا ندفع للحكومة عند رغبتنا في السفر وتلزمنا الحكومة بإصدار تأشيرة خروج.. لماذا يضطر المواطن في اليوم الواحد عدة مرات أن يحتك بالحكومة في غدوه ورواحه..
لو اقتنعتْ الحكومة أن )تحل عن سمانا( ترتاحُ وتريحُ الناسَ.. على رأي المثل الشعبي المصري )شيل دا عن دا.. يرتاح دا من دا(..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد