صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

من يمثل دارفور ؟

10

حديث المدينة

عثمان ميرغني

من يمثل دارفور ؟

أمس في جلسة حوار لأكثر من ساعة مع سفير دولة أوروبية مرموقة، سألني من يمثل دارفور الآن؟ قلت له الإجابة يجدر أن تكون محور إستراتيجية كاملة للتعامل مع ملف الحرب والسلام، بل ومع جدلية “الهامش والمركز”..

في تقديري؛ دارفور لا تمثلها الحركات المسلحة بمختلف لافتاتها وشعاراتها وقياداتها، ولا تمثلها قيادة سياسية تحت أية لافتة حزبية أو جهوية.. ولا تمثلها أية شخصية كارزمية أو تاريخية أو روحية..

بل – وهو بيت القصيد- لا تمثلها حتى الحكومة الانتقالية بمنصتها السياسية “قوى الحرية والتغيير”..

فمن يمثل دارفور؟ من هو الناطق الرسمي باسم دارفور؟

الإجابة تقتضي تحديد ما هو المعنى الحقيقي لكلمة “دارفور”، هل هي المنطقة الجغرافية الموسومة بهذا الاسم منذ قرون، أم هي الظلامات التاريخية التي عبرت عنها حركات الاحتجاج في مختلف العهود السياسية بعد الاستقلال؟ أم هي مسلسل التصعيد السياسي والعسكري في الألفية الثالثة الذي أنجب عشرات القرارات الأممية ضد السودان وحمل عريضة الدعوى الجنائية للمحكمة الدولية؟

الذي ينظر بحصافة وذكاء يستطيع أن يدرك معنى “دارفور” في الأفق السياسي الراهن من وحي الهتاف الشهير خلال مظاهرات ثورة ديسمبر المجيدة، (كل البلد دارفور).. فأية محاولة لحصر معنى “دارفور” في السؤال الذي يبحث عن “من يمثل دارفور؟” سيمنح الإجابة والبوصلة الخطأ.. الأجدر أن نضع “دارفور” أنموذجاً لما يجب أن يكون عليه الحال في كل السودان وليس إقليمه الغربي وحده.

فيتحور السؤال “من يمثل دارفور” جينياً Genetically إلى “من يمثل السودان”.. طالما “كل البلد دارفور” بالمعنى الذي يوحي بشمول الحال والمآل.

من يمثل دارفور تعني عملياً “من يمثل الخرطوم”؟ ومن يمثل البحر الأحمر؟ ومن يمثل الشمالية؟ ومن يمثل من؟ في كل أقاليم السودان الظالمة والمظلومة على حد سواء، المزدهرة والمدمرة..

ولتقريب الفكرة أكثر، أليس من حق كل مواطن في السودان أن يسأل “من يمثلني”؟ وكيف؟

التمثيل الحقيقي لأي إقليم أو فرد سوداني لم يعدْ بالوكالة سياسية كانت أو روحية أو غيرهما.. بل بالمصالح.. على فرضية السؤال المحوري؛ قل لي ما هي مصالحي التي تمثلها؟ على قدر المصالح تنعقد وكالة التمثيل.. فتكون الإجابة السافرة، مصالحي هي التي تمثلني!

دارفور تمثلها مصالح أهل دارفور، ويرتفع مقياس التمثيل بقدر المصالح.. لو جاء أمريكي أبيض البشرة أشقر الشعر من مواليد كلفورنيا عاش فيها كل عمره، إلى دارفور يحمل في يده مصالح أهل دارفور فهو يمثلها حتى آخر قطرة – لم أقل دولار- في يده من المصالح المرتبطة بالمواطن.. وهكذا يجب أن تكون بقية مناطق السودان بل ومركزه الخرطوم.

تمثلنا مصالحنا لا مصالح من يحكمنا!.

 

 

 

التيار

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد