صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

من يعوّض هؤلاء الطلاب وأسرهم يا جامعة الخرطوم؟!

14

‏‏‏‏

 

زفرات حري

الطيب مصطفى

من يعوّض هؤلاء الطلاب وأسرهم يا جامعة الخرطوم؟!

وأخيراً، قرر مدير جامعة الخرطوم، بروف أحمد محمد سليمان، استئناف الدراسة بكلية العلوم الرياضية بجميع مستوياتها يوم ٢٠ يناير 2019 أي بعد عام كامل، إلا أسبوعين من تاريخ إغلاقها بتاريخ السادس من فبراير ٢٠١٨!
ذلك يعني أن طلاب الكلية في جميع المراحل قد فقدوا عاماً كاملاً من أعمارهم، كما يعني تجميد عام دراسي كامل، ولا أدري سبيلاً لمعالجة المشكلة سوى بأحد حلين: إما عدم قبول دفعة جديدة لهذا العام، أو دمج دفعتين )المجمدون والمقبولون لهذا العام الجديد(!
رغم احترامي لإدارة الجامعة، إلا أنني أقولها والقلب يتفطّر ألماً وحزناً، إن الإدارة ارتكبت جرماً فادحاً في حق الكلية وطلابها وأسرهم، بل في حق جامعة الخرطوم جراء مشكلة صغيرة، تكررت مئات المرات على امتداد مسيرة التعليم الجامعي، كما أن جرمها تعاظَم في حق حوالي ألف طالب فقدوا ألف عام من أعمارهم بلا مبرر يبيح ذلك الإجراء التأديبي القاسي، الذي أساء إلى الجامعة بأكثر مما أساء إلى الطلاب الذين لم يفعلوا ما يستحقون عليه تلك العقوبة الظالمة.
نشأت المشكلة بعد اعتصام قام به الطلاب احتجاجاً على بعض ما رأوه تقصيراً أو أخطاء من إدارة الكلية أو الجامعة، فكان أن صدر قرار الإغلاق.
كتبت قبل نحو عام أن أباً مغترباً أحرز ابنه درجة متميزة تؤهله لدخول إحدى الكليات المرموقة في جامعة الخرطوم فاختار كلية خاصة تقل كثيرًا عن سمعة )الجميلة ومستحيلة(، لا لسبب إلا لانعدام الاستقرار الأكاديمي وتعطل الدراسة لأتفه الأسباب مما بات إحدى السمات البارزة في التعليم الأكاديمي بالجامعات الحكومية.
ما أدهشني أن آباء الطلاب المتضررين بذلوا جهوداً جبّارة خلال العام الذي انقضى منذ أن أُغلقت الجامعة، وبلغ الحال بالطلاب درجة أن يوقعوا على تعهّدات، بناء على طلب من إدارة الكلية، بعدم إثارة أي شغب أو القيام بأي احتجاجات، ورغم ذلك تجاهلت إدارة الجامعة كل ذلك، وظلت ترفض إعادة فتح الكلية، إلا بعد أن انقضى العام المجمّد!
شملت تحركات أولياء أمور الطلاب بالإضافة إلى مدير الجامعة، كلاً من رئيس مجلس الجامعة، ووزيرة التعليم العالي، ورئيسة لجنة التعليم بالمجلس الوطني، ولكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل الذريع حتى انقضى العام التأديبي!
أكاد لا أصدّق أن يحدث كل ذلك في جامعة الخرطوم بكل تاريخها الأكاديمي الناصع، وكل تقاليدها وأدائها العلمي الباذخ، في أسلوب التعامل مع طلابها، وفي ظل إدارة مديرها بروف محمد أحمد سليمان الذي أعرفه شخصياً وأشهد بقدراته وخبراته الإدارية الكبيرة.
إنه لمن الغريب والعجيب بحق، أن تنسى إدارة الجامعة أنهم كانوا في يوم من الأيام طلاباً في هذه الجامعة العريقة، وأنهم مارسوا ذات التصرفات التي قام بها طلاب الكلية المغضوب عليهم .. نسوا أنهم تمتعوا باتحاد طلاب عظيم كان يُمارس السياسة ويُشعل ويقود الثورات التي تنتظم البلاد طولاً وعرضاً، وتصنع التاريخ، بينما يُنكرون على طلاب الكلية ممارسة جزء يسير من حقوقهم في التعبير عن ما ينقصهم من خدمات بعد أن اختفى اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، الذي ظل موجوداً في ظل أعتى العهود الاستبدادية قبل الإنقاذ ولكن!
يجب على إدارة جامعة الخرطوم التي لا نزال نحس بأوجاعها كوننا تخرجنا فيها، أن تعلم أن أوجب واجباتها أن تحقق الاستقرار الأكاديمي المنشود بما لا يؤخّر المواقيت المحدّدة للدراسة وللتخرج، فكل يوم يضيع على الطلاب يعتبر فشلاً لإدارة الجامعة، أما أساليب التأديب والعقاب، فهذا مما لا يليق بأم الجامعات السودانية، سيما وأن تعليق الدراسة يتضرّر منه جميع الطلاب من أخطأ منهم ومن لم يخطئ.
على سبيل المثال، فإن ما حدث من بعض طلاب جامعة الجزيرة مؤخراً، ينبغي أن يُواجَه بالحسم اللازم، وبتوقيع أشد العقوبات على من أحرقوا المنشآت، فهؤلاء مجرمون وليسوا طلاباً، وكذلك الحال بالنسبة لطلاب جامعة بخت الرضا التي قام بعض )المتمردين( التابعين للحركات المسلحة، ولا أقول الطلاب، بإحراق بعض ممتلكاتها، وقد أسعدني أن رئيس الجمهورية، وجّه في خطاب ألقاه قبل أيام قليلة بعدم إغلاق الجامعات جراء سلوك شاذ من حفنة من الطلاب، فذلك مبدأ إسلامي راسخ ألا تزر وازرة وزر أخرى.
ينبغي أن تعلم إدارات الجامعات أن الطلاب أمانة في أعناقها، وأنهم في سن يشوبها كثير من النزق وعدم النضج الذي كان جزءاً من سلوكنا خلال دراستنا الجامعية، وأن مسؤوليتها الأخلاقية تجاه الطلاب وأسرهم تقتضي سلوكاً راشداً وحليماً ينأى بها عن روح التشفّي والانتقام، ذلك أن أخطاء )بعض( الطلاب لا ينبغي أن تُقابَل بسلوك مماثل يُعاقِب جميع الطلاب.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد