صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

مكان السجن مستشفى

84

بشفافية

حيدر المكاشفي

مكان السجن مستشفى

أطربني جدا قول القيادي الشاب بقوى الحرية والتغيير وحزب المؤتمر السوداني خالد عمر الشهير ب(سلك)، بتحويل معتقلات جهاز الأمن (سابقا) الى مستشفيات ومدارس، وهذا القول السديد والمسعى الحميد لتحويل كل ما كان يتأذى ويتضرر منه شعب السودان الى ما يفيده ويخدمه، يعيد الى الذاكرة ما سبق أن كان يحلم به شاعرنا الفذ الشفيف العفيف الشريف محجوب شريف رحمه لله، وكان شريف قد عبر عن هذا الحلم برؤية مستبصرة من خلال قصيدة شهيرة، يقول في بعض أبياتها (مكان السجن مستشفى..مكان المنفى كلية..مكان الأسرى وردية..مكان الحسرة أغنية..مكان الطلقة عصفورة تحلق حول نافورة تمازح شفع الروضة..حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي)..
والآن بعد أن صرنا على بعد ساعات من اعلان تشكيلات مؤسسات الفترة الانتقالية، يبقى من المهم جدا لكافة قوى الثورة وكل المؤمنين بضرورة وحتمية التغيير، أن يشمروا سواعد الجد ويوجهوا كل الطاقات وكل الجهود لمعارك البناء والنهضة والنماء، فالتركة التي أورثنا لها النظام المخلوع مثقلة بالاحن والمحن والأزمات المزمنة والتحدي كبير في المجالات كافة، واذا ما كنا قد بلغنا ما تم التوصل اليه من توافقات واتفاقات عبر جهاد ونضال كبير وصبر جميل، فان القادم يحتاج الى جهاد ونضال أكبر وصبر أجمل فحيا على فلاح الوطن كما قال الامام الصادق المهدى، أما المشفقون على حال البلاد بسبب الهشاشة والضعف الذي اعترى حيواتها كلها، فلن نزيد عن اهدائهم كلمة عن قوة وتماسك الشعب السوداني للفقيد محمد ابراهيم نقد السكرتير السابق للحزب الشيوعي السوداني.الفقيد نقد فيما أذكر كان قد أجاب على سؤال وجهه له أحد الزملاء الصحافيين في حوار أجراه معه بمناسبة مرور ذكرى انتفاضة أبريل ( 1985 )، ولكني للأسف لا أستحضر الآن تماماً الصيغة التي طرح بها هذا الزميل سؤاله، غير أنني أستطيع التأكيد على أن سؤال الزميل كان سؤالا استدراجياً، حاول من خلاله أن ينتزع اعترافا موثقاً من الزعيم الشيوعي يعترف فيه بهشاشة أوضاع البلد وأنها بحالتها هذه لا تحتمل قيام ثورة على غرار اكتوبر التي أنهت حكم عبود ولا انتفاضة كالتي حدثت في أبريل
وأطاحت بنميري ونظام مايو، بيد أنني أكاد أذكر بالحرف اجابة نقد وكانت فحواها أن البلاد تتحمل انقلابا عسكريا وتستحمل انتفاضة أيضا، فالسودان والكلام لايزال لنقد بلد عضمه قوي، وأي محاولة للقول بأنه لا يحتمل هذه مجرد تبريرات، وواصل نقد (ليه ما تستحمل، هي حتستحمل أكثر من الذي تتحمله الآن وأكثر من الحاصل).. تلك كانت كلمة وشهادة نقد في قوة عظم السودان، نعم فالشعب السوداني مايزال (عضمو قوي)، ومايزال السودان البلد (عضمو قوي) بخيراته وموارده الظاهرة والباطنة، ومايزال شبابه نبيلا وأصيلا، فمع كل المحن والاحن والأزمات والخلخلة الاجتماعية والزلزلة الاقتصادية التي ضربته وماتزال في اللحم الحي، وكانت كل هذه البلايا والرزايا كفيلة بتفكيك عراه وتشتيت شمله والقضاء على محاسنه وفضائله ومزاياه التي جبل عليها وعرفتها عنه كل الأمم والشعوب وشهدت بها، الا أنه ظل صامدا وراسخا وثابتا يقاوم كل هذه المصائب ويجتهد ما وسعه الجهد للمحافظة على ارثه الأخلاقي
والقيمي،وهذه وحدها ضمانة كافية..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد