مطالب الناظر ترك.. أشد علينا من الانقلابات العسكرية!!
(0) في التاريخ دروس وعبر، والتاريخ هنا يحدثنا عن ما جرى بين الأمير مروان بن محمد، وبين أحد مستشاريه (الذي فضل المؤرخ عدم ذكر اسمه) المهم أن مروان بن محمد، جلس وجيوش العباسيين قد أحاطت بدولته، فقال للمستشار(ألا ترى مانحن فيه؟ لهفي على أيد ماذكرت، ونعما ماشكرت، ودولة مانصرت)، فقال له المستشار (يا أمير المؤمنين، من ترك القليل حتى يكثر، والصغير حتى يكبر، والخفي حتى يظهر، وآخر فعل اليوم إلى الغد، حل ماحل بدولتك)!فقال له مروان (قولك هذا أشد على من فقد الخلافة).
(1) واليوم نحن في السودان، بين فترة وأخرى نسمع بمحاولات انقلابية عسكرية، مايربط بينها صفة الفشل، ولكن ليس في كل مرة تسلم الجرة، فهذه المحاولات الانقلابية، ما كان لها أن تتوالى وتتواصل بين فترة وأخرى، لو أن القائمين على أمر الفترة الانتقالية، من مدنيين وعسكريين أي شركاء الحكم، قد عملوا واجتهدوا على اجتثاث البواقي الصغيرة من جذور الشجرة الملعونة في السودان، اي شجرة حزب المؤتمر الوطني البائد، ومن المتأسلمين من كوادر الحركة الاسلاموية، ما قل منهم او كثر، او ما ظهر منهم ومن أخفي أو اختفى، فكان علينا جميعا أن لا نجير أحداً من الفلول، او من اتبعهم واقتفى أثرهم وسار على دربهم ونهجهم، فان التساهل الشديد الذي وجدوه من قبل الحكومة الانتقالية، ومن قبل المجلس السيادي، جعل الصغير يكبر، والقلبل يكثر، والمخفي يظهر، وتأجيل فعل اليوم الى الغد، حتى ظن أولئك الفلول انهم هم أصحاب الحق الشرعي، والمالك الحصري لدولة السودان، فما وجدوه من تساهل جعلهم يتصرفون فيه وفيها كما يريدون.
(2) إن الطريق الوحيد لقطع هذه الانقلابات العسكرية، ومن يساندها من السياسيين، هو وحدة الصف الوطني، لا فرق بين مدني وعسكري، إلا بما يقدمه كل فرد من مايملك من أفكار واطروحات ومشاريع للنهوض ببلاده، والمحاولات الجادة لوضعها في مصاف الدول المحترمة، فان هذه الانشقاقات التي لا تحصى ولا تعد، طوال السنتين المنصرمتين من عمر الفترة الانتقالية، المستفيد منها هم الفلول، ففي ضعف الصف الوطني، قوة للفلول، وعدم وحدة الصف الوطني، جعل الفلول يلتقطون أنفاسهم، ويستجمعون مافيهم من قوة للانقضاض على ثورة ديسمبر المباركة، ومحاولتهم لقطع الطريق أمام التحول الديمقراطي.
(3) ولكن كل هذا(كوم) ومحاولة الناظر ترك، قطع الطريق القومي، وخنق الحكومة، والتضييق على المواطنين في معاشهم، الذي أصلاً هو في غاية الضيق، ومحاولة العودة إلى حكم الفرد الصنم، ومطالبه الخيالية، لهو أشد علينا من تلك المحاولات الإنقلابية البائسة.
(4) وعلى السيد الناظر ترك، ان يترك الثورة ماتركته، فهو لا يمثل كل الشرق، وعلى الحكومة أن تعجل، و تحسم هذه الفوضى، التي نخشى أن يكون لها ضرام، فان النار من مستصغر الشرر.