يبدو أن (مساسقة ومشاققة) رئيس المجلس العسكري ونائبه من (من بلد بلد) بحثا عن شرعية مفقودة، لم تعجب اليانكي الذي يواجه ضغوطا من قبل الكونغرس على ما يبدو، حيث خرج امس تصريح اشبه بالزجر لمساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون الافريقية، مذكرا فيه المجلس العسكري بأنه لم يأت ليحكم السودان بل جاء تشكِيله ليساهم في نقل الحكم إلى حكومة بقيادة مدنية.
واعتقد ان المجلس فعلا بحاجة إلى تذكير من جهات خارجية ذات ثقل بعد ان أصَم أذن عن أصوات الداخل، وأرخى الأخرى إلى محور الشر الثلاثي.
فالمشاركة في القمتين العربية والطارئة ليستا من إختصاصات المجلس العسكري، ولكن المحور السعودي أراد بدعوة المجلس العسكري إضفاء صبغة شرعية، والعالم أجمع يعلم أن ما يحدث يتم تحت غطاء سعودي إماراتي، وذات المجلس الذي ظل يمثل حكومة السودان بذات الشرعية، ظل يتنصل عن تصديه للكثير من مظاهر الفساد إن لم يشارك فيها، فهو ذات المجلس الذي منح العديد من للقطط السمان فرصة الخروج الآمن من السودان، ولم يقدم أياَ من رموز الفساد والنظام السابق إلى محاكمات عادلة بحجة أن ذلك ليس من إختصاصه وإنما إختصاص الحكومة القادمة.
وذات المجلس يمارس في صلاحيات الحكومة القادمة ويماطل في تشكيلها.
يصدر الفرمانات العسكرية والمدنية والقانونية والتنفيذية، يغضَ الطرف بل ويدعم فوضى المليشيات المسلحة، يحرك المسيرات المدفوعة الأجر لتحسين صورته الباهتة، يصادر الحقوق ويمارس الإقصاء، يصادر حق التعبير ويغلق القنوات ويعتقل الإعلاميين الذين يعكسون الحقائق دون زيف، يصرف المرتبات والحوافز للموظفين بشكل مضحك ومستفز ومهين. يصادر حقوق الموظفين، يحاسب الموظف المضرب ويحفز زميله مسلوب الإرداة، ولو بيده لمنع الهواء عن القيادة وعن الثوار داخل منازلهم.
ما يقوم به المجلس العسكري يوضح بجلاء أنه متشبث بالسلطة لدرجة تدعو للرثاء، عساكر تملأ أكتافهم دبابير وسيوف وصقور كانت رؤيتها في السابق كفيلة بإدخال الرعب في نفوس أشرس الرجال، واليوم باتت مصدر غضب ونقمة وسبَة من قبل المواطنين وهم يرون مليشيات خلوية حلت محل قواتهم المسلحة المعروفة بجسارتها إقليميا.
وبعيدا عن التقرير الخطير لمنظمة (هيومن رايتس ووتش)، فيما يتعلق بتجاوزات مليشيات الدعم السريع، نجد أن زعيمها (حميدتي) هو أكثر أعضاء المجلس العسكري شراسة إثارة وتصدياً للمشاكل، وأكثرهم حديثا وأعلاهم صوتا، وعندما يغيب حميدتي عن المشهد يظهر شقيقه بذات اللغة العنترية التأديبية الخالية من الذوق والفهم، البعيدة عن السياسة، هذا الأمر يبرره إحتمالية وجود حميدتي ضمن قوائم محكمة الجنايات الدولية القادمة. لذا فهو الأكثر نشاطا ورغبة في السيطرة على كل شئ، باعتباره الأكثر تضررا من قيام حكومة مدنية يمكن ان تقدمه لمحاكمات عادلة على ما إرتكبته مليشياته من جرائم (في حق الثورة والثوار)، ناهيك عن ما حدث بدارفور وجميعه مضمن في تقرير المنظمة الدولية،
المجلس العسكري يعلم تماما انه غير مقبول داخليا وخارجيا ولن يتم الإعتراف به، ورغم ذلك سيقاتل لآخر نفس في سبيل بقائه على كابينة القيادة، وسيقدم في سبيل ذلك الكثير من الحجج والاسباب كسبا لعامل الوقت وشغل الشارع بقضايا غير ذات أهمية مثل (كولمبيا) وما أدراك ما هي.
الخطأ الذي إرتكبته قحت بعدم إعلانها الحكومة المدنية منذ يوم 12 ابريل او قبله بقليل جعلها تمنح المجلس العسكري الشرعية في طبق من ذهب وأعني شرعية التفاوض والمحاصصة، وهذا الخطأ سيتحمله معها الشارع حتى لا تضيع ثورته ومعها ما تحقق من مكتسبات، لذلك يجب الإنتباه وعدم الوقوع في مصيدة كولمبيا. فهي كدس السم في الدسم.
نواصل ،،،