اسوأ ما يمكن أن تصل إليه الخصومة السياسية أن تتحول القضايا المتصلة بحياة الناس إلى ساحة للتعارك والتنافس. وهذا ما يحدث في السودان وتعكسه مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الساعة منذ الإعلان عن حالة كورونا في السودان.
كورونا اجتاح كل العالم، بلدان أعلنت حالة الطوارئ قبل وصول أول حالة للسودان، الإعلان عن وفيات وإصابات جديدة لم يتوقف، فعلياً كل العالم في حالة استنفار وفعلياً أصبح كورونا خطراً ماثلاً يهدد البشرية جمعاء بعيداً عن ما إن كان نوعاً من الحرب متحكم فيها أم لا.
هذا ينبغي أن يكون محل اهتمام الجميع، لأنه يتعلق بحياة الناس ليس إلا، لم أجد تفسيراً لحالة الإصرار على عدم وجود حالة إصابة في السودان والتي يحتفي بها عدد من أنصار النظام البائد، واختزال الاستعدادات التي تقوم بها وزارة الصحة في محاولة لجذب الدعم الدولي بينما القضية أكبر من ثبوت حالة أو عدم ثبوتها لطالما أن المرض حاصر كل العالم.
جميعنا يتمنى أن لا يسجل السودان حالة واحدة، لكن هذا لا يمنع التحوط والاحتراز بأعلى الدرجات، هذا المرض اجتاح العالم ووصل حتى دول الجوار القريبة، فما الذي يمنع أن يصل السودان أو بالفعل وصل.
ظل النظام البائد طيلة سنوات حكمه يمارس تعتيماً شديداً فيما يتعلق بالأمراض والأوبئة، ولا تزال الصحافة تذكر أن السلطات الأمنية كانت تمنع منعاً باتاً كتابة “كوليرا” في أي خبر أو مقال أو تقرير، وتستبدلها بـ “اسهالات مائية” وفقاً لتقديراتها الأمنية التي تعتقد أن عبرها تحمي أمن البلاد والمواطنين، هذه التربية تركت أثراً واضحاً عند كثيرين ممن تكيّفوا مع حالة الاستبداد، فباتوا يتحسسون من الشفافية، بل يعتقدون أن أية درجة من الشفافية في التعامل مع الرأي العام إنما هي محض “شو”.
حدث هذا مع وزير التربية والتعليم حينما كشف كيف كانت تُهندس الشهادة السودانية، ورغم أن الجميع يعلم ما كان يجري لنتيجة الشهادة السودانية خلال سنوات المخلوع إلا أنه حينما يخرج الأمر للعلن يتحسسون منه.
غير أن مسألة الأمراض والأوبئة لا تحتمل إلا التحوط اللازم. السودانيون بطبيعتهم العفوية وحرصهم الشديد على التواصل الاجتماعي اللصيق وعدم الاهتمام بالإرشادات الصحية هم الأكثر عرضة لهذا النوع من الأمراض شديدة الانتشار، لذا من أوجب الواجبات أن يفعّل الجميع وضعية التوعية والإرشاد على مدار اليوم. سلامة الجميع مسؤولية الجميع.