بعد لقاء وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد، بنظيره الفرنسي جان إيف لودريان، خرجت التصريحات الإيجابية التي تتحدث عن عدم ممانعة فرنسا بأن يلعب السودان دوراً إيجابياً في تعزيز السلام بإفريقيا الوسطى.
الدرديري ومن باريس قال إن فرنسا أبلغتهم عدم ممانعتها بجهود السلام طالما أنها تتم تحت مظلة الاتحاد الإفريقي و”السودان إحدى الدول المهمة”، وأكد أن ما يشاع بوجود ممانعة فرنسية للدور السوداني في إفريقيا الوسطى غير صحيح.
المعلوم أن الممانعة لهذا الدور حدثت فعلاً، وتحدث عنها الرئيس البشير في مؤتمر الحركة الإسلامية، بصورة مبطنة دون ذكر دولة بعينها، لكن السؤال الأهم لماذا جاء التململ من دور السودان في إفريقيا الوسطى؟
الحكومة لم تقرر لعب هذا الدور من تلقاء نفسها، إنما كان الأمر بمبادرة مباشرة من دولة روسيا التي أقنعت الحركات المسلحة بالحضور إلى الخرطوم، ودعت الحكومة السودانية لاستضافة المفاوضات.
وقد وصلت فعلاً أواخر أغسطس الماضي، حركات مؤثرة بقيادة زعيم الجبهة الشعبية نور الدين آدم، والقيادي في الجبهة الشعبية عبد الله حسين، و زعيم حركة “آنتي بالاكا” مكسيم موكوم وزعيم الحركة الوطنية من أجل إفريقيا الوسطى محمد الخاتم، وزعيم حركة الوحدة من أجل السلام الجنرال علي داراسا محمد.
المحادثات تمت وسط سرية وصمت حكومي رسمي، ورغم ذلك وقّع أطراف النزاع بجمهورية إفريقيا الوسطى اتفاقاً مبدئياً، لم يسمع به أحد..!
ولعل البعض يدري أن ما بين فرنسا وروسيا ما صنع الحداد..!
دولتان كثيرتا التنازع مع بعضهما، ولا تنقطع الاتهامات حتى تتجدد مرة أخرى، فكان طبيعياً أن تُعارض أي دولة جهود الدولة الأخرى.
السودان حاول جاهداً تعزيز دوره، تارة بإرسال قوافل إنسانية إلى إفريقيا الوسطى، وتارة بلقاء رؤساء ووزراء الدول المجاورة، لكسب تأييدهم في المساعي الجديدة.
وبلا شك أن فرنسا ما كانت لتمانع بدءاً إن جاءت مبادرة الخرطوم بعيداً عن الدول اللدودة، فهل انتفت الحساسية الفرنسية من الدعم الروسي حول هذه المفاوضات، أم تنازلت موسكو من الفكرة لصالح الأفارقة أنفسهم..?!
وقبل أن تنجح المساعي تماماً في إحداث توافق حول نزاع إفريقيا الوسطى جاءت مبادرة جديدة من الحكومة لاستضافة اجتماع دول الجوار الليبي الموسع في 29 نوفمبر في الخرطوم..!
الخبر المنشور في وسائل الإعلام، تم ارفاقه بخلفية، أن ليبيا تعاني من فوضى سياسية وأمنية منذ الثورة التي أطاحت بنظام معمر القذافي..!
الحكومة تنتقل من مبادرة لأخرى، لتقنع بها الإقليم قبل أن يفهم السودانيون أنفسهم دواعي ومبررات وأهمية هذه الاستضافات والمبادرات.
ليت من يعرف كيف تفكر الحكومة، أن يشرح لنا قليلاً، ماذا تريد؟!