لست أدرى ما هو معنى ومفهوم الوطنية عندنا في السودان؟
منذ قبل الاستقلال ظللنا نسمع عن (الوطنية والتحرر من الاستعمار والتدخل الخارجي في شأننا) وأن نكون وطنيين ونحترم ونحب الوطن فهل أصبحنا اليوم كذلك؟ الساسة ورجال الدولة يتحدثون عن الوطنية والقانون يحاسب من يخون وطنه والمفكرون والعلماء يتحدثون عن احترام الوطن واستلهام تاريخه وحضارته وتراثه.. و النظاميون بمختلف تخصصاتهم يعتبرون إنهم حماة أمن الوطن وحدوده ودستوره، والشعراء والفنانون يغنون للوطن والطلاب والشباب ينشدون للوطن.. جسدنا كل احترامنا في نشيد وعلم للوطن فهل فعلاً نحن نحب وطننا أم عكس ذلك؟ وظلت الأجيال المتعاقبة منذ نشأتها وتعلمها وعملها تسمع ونرى عكس ذلك تماماً بل ترى الوطن اليوم يكاد يتمزق!! ففي التعاطى اليومي لا نحترم العمل والوقت الذي يذهب هدراً ويكاد يضيع بين الخلافات والصراعات والخوف وعدم الثقة والطمع..
للأسوأ ظللنا نتعاطى السياسة و نتجاذب فى السلطة وإدارة الدولة بعدم وطنية التي يتشدق بها كل من وضعته الظروف في قمة الأوضاع السياسية خاصة عقب الثورات أو الانقلابات أو حتى في الفترات الديمقراطية فكل نظام حكم الوطن أهدر الوقت والموارد والأنفس من أجل أن يبقى في الحكم ولو أقصى الآخرين أو اعتقلهم وصادرهم وسجنهم وعذبهم وقتلهم لمجرد خلافهم معه حول قضايا الوطن الذي سع الجميع و ما به من الموارد العظيمة ما يمكن أن تجعله أغنى بلاد الله.
أقمنا أنظمة وأسقطنا أنظمة وأحدثنا ثورات ولكن للأسف فشلنا في استصحاب الهمة والإخلاص للوطن لنضع دستوراً دائماً وثابتاً يحدد لنا كيف نتفق على المشتركات والحد الأدنى الذي يحدد كيف ندير ونحكم وطننا بالكفاءة والأمانة اللازمة فنحقق السلام والاستقرار والحكم الرشيد والممارسة الديمقراطية السليمة ونحقق الازدهار الاقتصادي ونكرس الحقوق والكرامة الإنسانية لنقوم بالواجب الوطني ونبعد التأثير الأجنبي بأجندته الضارة فلا نسمح أن يتدخلوا في أخص قضايانا مثلما لا يقبلون أن نتدخل في شؤونهم..
لم نستفد من تجاربنا الماضية خاصة عقب الثورات فانتهينا اليوم إلى ما يقرب من ثلاثة أشهر نتجادل حول كيف ندير فترة انتقالية بالطريقة الصحيحة والأسوأ بدلاً من الإصغاء وتمكين الخبراء السودانيين ونستجيب لمبادرات المخلصين من أبناء الوطن فإننا نستمع ونتجاوب مع مبادرات من الخارج رغم ما فيها من فخاخ ومصالح أجنبية تتعارض مع مصالحنا..
المشهد السياسي اليوم واقع بين مثلث خطير بين الأطراف السياسية هي قوى الحرية والمهنيين والمجلس العسكري والقوى السياسية الأخرى إذا لم يستجيبوا لصوت العقل والحكمة فسيغرق وطننا العزيز في هذا المثلث المكون من عدم الثقة بينهم ثم الخوف المتبادل ثم الطمع الشخصي والسياسي.. فلماذا لا يحترم هؤلاء وطنهم وثورتهم التي قدم فيها الشباب أرواحهم رخيصة؟ لماذا لا يدعوا هؤلاء المبادرين للتوافق والتراضي الوطني ويستمعوا ويستجيبوا لهم وهم وطنيون؟؟ لماذا؟؟.
شكراً وكالة سونا
فتحت وكالة سونا قاعاتها للمبادرات الوطنية والمؤتمرات الصحفية من أجل التوافق الوطني وعرض الآراء في أريحية وطنية ومهنية عالية، فشكراً لهذه الوكالة المحترمة وشكراً لمديرها المحترم السيد عبد الله جاد الله حفيد ود جاد الله كسار قلم ما كميل وجميع المديرين والصحفيين والموظفين بالوكالة.