صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ليست مجرد مباراة

11

للعطر افتضاح

د. مزمل أبو القاسم

ليست مجرد مباراة

‏‏‏‏
* ما تابعناه على ملعب الشيخ محمد بن زايد مساء أمس الأول لم يكن مجرد مباراة في كرة القدم.
* كان الحدث لافتاً، يدير الرؤوس، ويشد الانتباه، لا لأنه جمع عملاقي الكرة السودانية، في مباراةٍ حظيت بحضورٍ جماهيريٍ ضخم، ومتابعةٍ غير مسبوقة، بل لأن الليلة استبطنت مدلولاتٍ سياسيةً واجتماعيةً وثقافيةً وحضاريةً، قبل محتوياتها الرياضية البائنة للعيون.
* قبل بداية اللقاء حرص منظمو الليلة على عرض الكلمات الدافئة، التي تبادلها الرئيس البشير وسمو الشيخ محمد بن زايد، في الزيارة الشهيرة للرئيس إلى الإمارات، وقد تحدثا فيها بلسان الصدق والمودة عن ما يجمع البلدين الشقيقين من مودةٍ وإخاء ووشائجٍ، وضع بذرتها الرئيس نميري رحمة الله عليه مع حكيم العرب الشيخ زايد طيَّب الله ثراه.
* عُرِض حديث البشير وولي عهد أبوظبي على الشاشة الضخمة التي تطل على الملعب، فقوبل بعاصفةٍ من التصفيق، وبعده حرصت جماهير الجالية السودانية على ترديد النشيدين الوطنيين للسودان والإماراتٍ، قبل أن تقدم فواصل من الروعة والإبهار، بلوحاتٍ تشجيعية خطفت بها الأنظار.
* فيوض الروعة بدأت من هنا.. من أرض التاريخ الباذخ والحضارات العظيمة، حضارات كرمة وكوش، بأهراماتها ومصاهر حديدها ومعابدها وآثارها الضاربة بأعماقها في جذور التاريخ، لتؤكد قيمة إنسان السودان، ونبله وكرمه وحرصه على إكرام وفادة ضيوفه المكرمين.
* رفض قادة اتحاد الكرة وناديي المريخ والهلال مناقشة أي تفاصيل مادية، وأبوا أن يتطرقوا حتى للجوائز المالية المخصصة للناديين، وأكدوا أن مشاركتهم في تخليد ذكرى حكيم العرب تبُذ عندهم كل مكسب مادي.
* في ليلة العرس الجميل تبدَّت روعة أبناء السودان، وتحدثت عن نفسها بأبلغ لسان.
* كنت متخوفاً على الصعيد الشخصي من أن لا يحظى اللقاء التاريخي بالحضور الذي يليق به، لكن مخاوفي تبددت بمجرد أن ولجت الملعب، لأن أبناء الجالية السودانية ملأوا طوابق الإستاد التحفة حتى فاضت.
* أتوا من أرجاء الإمارات السبع، وحضر آخرون من السودان والسعودية وسلطنة عمان والبحرين والكويت ومن أوروبا، يحملون أعلام السودان، ويرتدون شعاري المريخ والهلال، وشجعوهما بحرارةٍ بائنةٍ، وحماسٍ دافق، من دون أن يخرج أي واحدٍ منهم عن الضوابط الموضوعة للقاء الكبير.
* بعد نهاية اللقاء حرص لاعبو المريخ على تحية جماهير الهلال برغم حزنهم البائن على خسارتهم الموجعة في آخر ثواني اللقاء، بنيرانٍ صديقةٍ، أصاب بها خالد النعسان مرمى حارسه منجد في آخر ثواني اللقاء، وردت لهم جماهير الهلال التحية بأحسن منها، وصفقت لهم بحرارة.
* امتدت مظاهر التحضر لغرفة الملابس الخاصة بلاعبي الأحمر داخل الإستاد، عندما نظفوها وتركوها أنقى مما وجدوها، وعلى دربهم سارت الجماهير فجمعت المخلفات، ونظفت المدرجات قبل أن تغادرها.
* أما المكسب الأبرز فقد تبدَّى في معدلات المتابعة المهولة التي حظي بها الديربي السوداني، على الشاشات، وفِي منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية.
* بلغ عدد المتابعين للحدث المبهر أكثر من مليون فرد على منصة قناة أبوظبي في موقع )تويتر(، وفاق عددهم في موقع )يوتيوب( أكثر من )3( ملايين، علاوةً على أكثر من مليون متابع في موقع )يللا شوت( وبقية منصات ومواقع البث المباشر على الإنترنت.
* في موقع الحدث احتشد أكثر من )37( ألفاً داخل ملعب محمد بن زايد، وبلغ عدد مشاهدي المباراة في قناة أبوظبي الرياضية أكثر من )60( مليون متابع، وتم نقلها على الهواء في أكثر من )12( قناة تلفزيونية.. فهل يمكننا أن نعتبر ذلك الحدث المبهر، مجرد مباراة في كرة القدم؟

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد