لا ادري ماذا اصاب وزير الاعلام والثقافة فيصل محمد صالح حتى غدا فاقدا لتلك الموضوعية التي وسمت تصريحاته في سالف الايام ذلك أني لم اعد ارى في فيصل الجديد ، بعد الاستوزار ، ذلك الرجل صاحب المبادىء الذي كان يسلق النظام السابق بالسنة حداد ويرميه بالظلم والفساد والخروج على القيم التي رفعها انما اراه للاسف الشديد متنكرا لها دايسا لها بالاقدام.
فقد قال فيصل حسب رواية (باج نيوز) ، وبتحامل غريب ، :(المفارقة أن افضل فترة وجد فيها التلفزيون فرصة للتطور كانت في عهد مديره الاسبق الطيب مصطفى لان خزائن القصر كانت مفتوحة امامه) مضيفا ما يلي :(لكنه وبسبب العقلية القديمة لم يستفد التلفزيون من ذلك التحديث)!
اقول لفيصل ليتك لم تثن على ادائي باليمين لتجردني من تلك الاشادة باليسار !
اود اولا ان اسال فيصل : هل انت واثق من قولك ان تطوير التلفزيون في عهدي كان بسبب (خزائن القصر المفتوحة امامي) ام انك ترجم بالغيب وتغفو ما ليس لك به علم بكل ما يمكن ان يترتب على ذلك من ظلم تقترفه في حق من تتهمه بالباطل ومن احتمال ان توصم بالكذب إن تبين خطل ما هرفت به وهل ابشع من ان يتصف الناطق الرسمي للحكومة بالكذب الذي يفقد صاحبه المصداقية ويجرده من الاحترام؟!
ماذا يضيرك يا فيصل ان تستمع للرأي الآخر بدلا من الارتماء في احضان الشانئين والمبغضين الذين اعلم ان عين السخط التي لا يروني الا بها تحرمهم من الانصاف او من قول الحقيقة؟! ليتك يا فيصل اكتفيت بذلك الاتهام الظالم الذي رميتني به فقد واصلت انسياقك خلف اباطيل لا تليق بك فقد كنت عندي كبيرا ومحترما ومرجوا ولكن الليالي من الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيب!
قبل ان اعود لقصتي مع التلفزيون في نهاية هذا المقال والتي وددت لو استمع فيصل اليها مني كفاحا بدلا من القاء الكلام على عواهنه ، اقول إن فيصل الذي كان يتحدث في ندوة اقيمت بصحيفة التيار تعهد (بازاحة كل العقليات القديمة من الاجهزة الاعلامية لانه حق منحه القانون للوزير او بتوصية من رئيس الوزراء) منوها الى ان (تلك العقليات ليس بالضرورة ان تكون من المنتمين للتيار الاسلامي)!
صدقوني ان حديث فيصل حول (العقليات القديمة) ادهشني واثارني باكثر مما فعل اتهامه لي بغرف المال وشفطه من خزائن القصر!
ليت فيصل اوضح معنى عبارته (العقليات القديمة) .. هل تراه يقصد شيئا مضادا لعقليات وزراء قحت الذين راينا بعضا من (خرمجتهم) في الايام القليلة الماضية؟ ام يقصد بالعقليات القديمة تلك التي لا تعتنق الفكر الشيوعي الذي تهيمن قياداته حاليا على حكومة حمدوك حتى ولو كانت الشيوعية قد طويت صفحتها في كل العالم وديست بالاقدام الا في سودان الغرائب والعجائب الذي رفع من شانها بالرغم من مسيرة الدماء والدموع التي ولغت فيها منذ ان تسللت الى السودان عبر تلاميذ الماركسي هنري كورييل في اربعينيات القرن الماضي؟!
على كل حال طالما ان فيصل سكت عن تعريف ما يعنيه بالعقليات القديمة فاننا سنكف عن التكهن بما يرمي اليه ولكني اود ان اهمس في اذنه ناصحا ، طالما انه قال بان التلفزيون لم يستفد من الطفرة التي حدثت في عهد الطيب مصطفى .. ليتك يا فيصل تتواضع قليلا فكلنا اصحاب عقول وتوجهات فكرية نزعم انها الحق وما عداها هو الباطل فالامام الشافعي – وهو من هو – يقول عن ما تقول به المذاهب الاخرى : (قولي صواب يحتمل الخطا وقول غيري خطأ يحتمل الصواب) وصدقني يا فيصل انه كلما قللت كلامك كلما كان ذلك خيرا لك وليتك تعتبر بالمقولة المنسوبة للفاروق عمر :(من كثر كلامه كثر سقطه) فانت ملك الكلمة التي لم تقل فاذا قلتها ملكتك.
لا احد ينبغي ان يتهم العقول الاخرى بانها قديمة ..انتقد الفكر الاخر لكن لا تتهم او تنتقد العقول فلسنا اقل تعليما او ثقافة منك او من غيرك ، فنحن نصدر عن مرجعية مختلفة عن مرجعيتك فانا مثلا اسلامي وافتخر بذلك ولن تقنعني بان فكرك العروبي او اليساري افضل من فكري الاسلامي سيما واننا شهدنا سقوط كل تلك المفاهيم والايديولوجيات (البشرية) في مزبلة التاريخ ولا يحق لك ان تقول اننا لم نفد من تطور التلفزيون ذلك ان برنامجا واحدا مثل (من ساحات الفداء) او الافلام الوثائقية التي حققنا بها الجائزة الاولي او الذهبية عدة مرات في مسابقات اتحاد اذاعات الدول العربية تكفي للتدليل على اننا افدنا من نهضة التلفزيون.
اقول لفيصل ان تعهدك بازاحة العقول القديمة فيه تجن على الكوادر العاملة حاليا اربأ بك ان تلجأ اليه ولا يجوز لك ان تأمر الانقاذ بالبر وتنسى نفسك وتقدم على فعل ما انكرته عليها فالتمكين الذي رفضتموه قديما ينبغي ان ترفضوه الان ولو سالت العاملين في التلفزيون لربما افادوك انني لم اميز بين العاملين بل اني عينت بعد قدومي للتلفزيون مباشرة المهندس المرحوم حسن احمد عبدالرحمن مديرا للهندسة مكان اسلامي عريق من اولي السبق.
اما خزائن القصر المفتوحة فهذه مجرد اوهام ذلك ان العاملين في التلفزيون يشهدون حتى اليوم اننا لم ناخذ قرشا واحدا من القصر انما كنا نحصل على موازناتنا من وزارة المالية اسوة بالاخرين ولو انصفت لوجدت في ما حققه الطيب مصطفى خلال مسيرته في المناصب الحكومية سواء في الاعلام او الاتصالات او الصحافة (كناشر للانتباهة ثم الصيحة) بعد الاستقالة من الحكومة ..اقول لوجدت ذلك كان كافيا لاقناعك بمؤهلات وخبرات اخرى غير ما اتهمتني به على ان ما غاب عنك مما يطول شرحه اني تقدمت بمبادرة استمطرت بها دعما من المغتربين تمكنا من خلالها من تطوير وتحديث التلفزيون ومن الانتقال من تقنية المايكروويف الى الاقمار الصناعية ومن نشر البث التلفزيوني داخل السودان وخارجه ومن احداث طفرة درامية غير مسبوقة ومن تدريب كوادنا داخل وخارج السودان وهذا حديث يطول