صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

لو كانت السرقة حلال !!

147

بالعربي الكسيح
محمد الطيب الأمين

* من القصص الفاخرة التي حفظها الناس، قصة سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه ..
* ولسيدنا عمر مكانة رفيعة في قلوب أهل الإسلام وأهل السودان تحديداً ..
* ولعل أكثر ما جعل الناس تحب الخطاب بكل هذا العنف ذلك الورع والصدق الذي تميز به ..
* عمر بن الخطاب الذي أعز به الله الإسلام استجابة لدعوة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي قال : (اللهم أعز الإسلام بإحدى العمرين) فكان الفاروق، رجل رفعه الإسلام وأعز الدين ..
* رفعه الإسلام وأعز هو الدين فكان وما زال شامة في خد هذه الأمة ..
* عمر بن الخطاب الذي قال وهو صادق في ما قال : (ليت أم عمر لم تنجب عمر)، وقال : (لو قالوا إن واحداً من أمة محمد سيدخل النار لخفت أن أكون أنا) ..
* يقول ذلك فماذا نقول نحن ؟
* عمر بن الخطاب الذي وافق القرءان حديثه قال ذات مرة : (ليتني كنت شعرة في صدر أبوبكر الصديق) ..
* تمنى أن يكون شعرة في صدر أبوبكر لأنه يثق في دخول أبوبكر الجنة بينما لا يثق في دخوله هو ..
* عمر وما أدراك ما عمر، سيرة ومسيرة لرجل يمثل فخر للأمة الإسلامية وهو من نجوم الإسلام الذين قدموا دروساً في العدل والرحمة ومخافة الله ..
* قصة عمر التي حفظها الناس تقول فيما معناها : (سرق رجل من عمر بن الخطاب فطارده عمر حتى لحق به فقال له لقد عفوت عنك) ..
* سيدنا عمر يطارد الحرامي من أجل أن يعفي عنه وليس من أجل أن يضربه أو يعذبه أو يسلمه البوليس ..
* عمر يريد أن يعمر الجنة ويريد أن يبعد الناس عن جهنم ..
* عمر لا يريد لهذا الحرامي أن يدخل النار بسبب هذه السرقة ..
* تذكرت هذه القصة وأنا أشاهد بالأمس، امرأة كانت تحمل كيساً ويبدو أنها قادمة من أحد الأسواق ..
* الكيس وكما ظهر فيه ملابس جديدة، قطعاً هي ملابس العيد الخاصة بأطفالها، ومؤكد أنها عانت كثيراً في سبيل تدبير قروش هذه الملابس ..
* امرأة تحبو نحو الخمسين من عمرها وعلى وجهها علامات رضا وقلق وكثير من العسر ..
* امرأة تشبه أمك وأمي ..
* كانت تجلس في المقعد الذي يقع خلف السائق مباشرة والحافلة (روزا) ..
* وبينما الحافلة تقف في الاستوب والشباك فاتح والكيس على قدميها، خطف صبي الكيس وهرب بسرعة فائقة ..
* المرأة لم تصرخ ولم تنزل من الحافلة ولم تبك غير أنها سرحت مسافة ثم ضربت كف على كف وقالت بنبرة حزينة : (محتاج سرق محتاج) ..
* هكذا قالت ..
* وهي كلمة فيها كثير من حسن الظن والتسامح وقوة الإيمان ..
* لم تسب ولم تقل اقبضوا الحرامي، اكتفت بثلاث كلمات عميقة جداً (محتاج سرق محتاج) ..
* لا أنفى أن هذا المنظر فجر فينا مشاعر بالغة الأسف وزاد حزننا بعد أن فشلت كل محاولات المارة في القبض على ذلك الصبي الحرامي الذي أطلقت عليه تلك المرأة اسم (محتاج) وهذا أدب وحسن ظن منها ..
* أنا أجزم أن هذه المرأة عانت وصبرت في جمع هذا المبلغ الذي اشترت به كسوة العيد ..
* ربما تكون (دخلت ختة صندوق) وربما تكون قد باعت بعض أغراضها حتى تكسي أطفالها ..
* تخيل عزيزي القارئ شعور هؤلاء الأطفال عندما تدخل عليهم والدتهم ويدها فااااااضية ..
* تخيل !
* تخيل حجم الخيبة والحزن والفشل والإحباط ..
* كثير من الأمهات درجن على عدم اصطحاب الأطفال إلى الأسواق في أيام شراء ملابس العيد وذلك لاعتبارات تتعلق بطلبات الأطفال المحرجة فضلاً عن محدودية الميزانية ..
* ولذلك أنا والله أتمنى أن لا يكون أطفال هذه المرأة على علم بمشوارها ..
* أكثر ما أعجبني عند هذه المرأة ذلك الصبر والبرود الذي تعاملت به مع الحادث ..
* ثم قولها : محتاج سرق محتاج ..
* جملة فيها كثير من الدروس ..
* أظن أن هذه المرأة لو طاردت هذا الحرامي ولحقت به لقالت له : عفوت عنك أو كما قال عمر بن الخطاب رضى. الله عنه ..
* أن مثل هذه الحوادث فيها كثير من الضرر النفسي والألم الكبير ..
* ليت الحرامي لو يعمل دراسة لحالة الأسرة قبل السرقة ..
* في ناس ظروفها ما بتحمل سرقة ..
* في ناس ظروفها أسوأ من ظرف الحرامي ..
* في ناس محتاجة ولكنها لم تمد يدها للحرام ..
* في ناس بيستاهلوا نحن نشيل عشان نجيب ليهم ..
* لو كانت السرقة حلال لسرقنا حتى نعين المحتاجين ..
* وبما أن السرقة حرام فعلينا أن نعينهم بالحلال أو لا نسرق العندهم على أقل تقدير ..
* هل يعي ذلك الصبي حجم الضرر الذي سببه لهذه الأسرة ؟
* لا أظن أن هذه المرأة قادرة على تدبير ذات المبلغ لشراء ذات الملابس ..
* ليه كده ياخ ؟
* ليه تسرق الناس ياخ ؟
* حرام والله ..
* ستمسخ عندك الدنيا إذا رأيت وجه تلك المرأة بعد السرقة ..
* والله تمسخ لك الدنيا ..
* نسأل الله أن يعينها ويسهل لها وييسر أمرها ..
* اللهم لا تجعل رمضان ينقضي إلا وهذه المرأة في كامل السعادة واليسر والفرح ..
* ببركة هذه الأيام المباركة نرجو الله أن يفتح لها أبواب رزقه ويعوضها أضعاف أضعاف ..
* و..و..
* والله في .

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد