لم تُنسينا الشواغل والهُموم حكاية حشّاش بدقنو وقصة زراعته لقطعة أرضه وهو جالس يُشير إليها بدقنه ويُمني نفسه بالكلام بأنّه سوف يزرع من هُنا إلى هُناك وسوف يفعل كذا وكذا وما فعل شيئا ، هل منكم من سمع أو رأى أنّ السيد حشّاش بدقنو حصد شيئاً أو أنتج محصولاً من زراعته تلك..؟ ، ولعلّك عزيزي القارئ لم تنسى بعد قصة وزير الدفاع (بالنظر) الذي نجت الطائرات الإسرائيلية التي قصفت مصنع اليرموك (باعجوبة) منه ومن نسفِها واحراقها المُحقق في سماء الخرطوم (إن) لم يحول ظلام الليل بينه ورؤيتها ، وقد هدد وتوعّد في يومه ذاك بالرد الحاسم في الوقت المُناسب ، ولم يأت الوقت المناسب إلى أن نزع مالك المُلك مُلكِهِ.
في خبرٍ جاء به الزميل النشط مُزمل صديق من الجزيرة أنّ إدارة مشروع الجزيرة أقرّت بمشاكل العطش التي تُهدد العُروة الشتوية في كُل أقسام المشروع ، وكشف عضو المجلس الرئاسي باللجنة التسييرية لاتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل عثمان حسان عن تعرُّض ٣٠٠ الف فدان للعطش بكل الأقسام من جملة ٤٣٥ الف فدان.
بلا شك أنّ الأوضاع إذا استمرت على ما هي عليه الأن فإنّ الموسم الزراعي مصيره الفشل ، وإدارة الري بالمشروع (وعدت) بحل المُشكلة ، والله وحده أعلم متى يكون الحل لمشكلة لم ولن تُحل بالوعود ، ومتى يكون الحل وشهر ديسمبر يُفترض أن يكون الري فيه مُكتملاً ومواعين المياه مملوءة وإلّا فعلى العُروة الشتوية بقمحها وعدسها وبصلها السلام .
المزارع إبراهيم سليم بقسم وادي شعير يقول أنّ الوضع حرج للغاية (وما عارفين نشكي لمن ومافي مسؤول يخبرنا بما يحدث) ، واعتبر أنّ الموسم الشتوي من أسوأ المواسم التي مرّت على مشروعِ الجزيرة ، وليس هناك آليات حفر ومدخلات الانتاج متعثّرة من قبل البنك الزراعي ، وتوقع دخول أغلب المزارعين السجن ، ولو استمر الوضع بهذه الصورة جوال قمح واحد لن يخرج من المشروع .
ومن أين يخرُج القمح وكيف وهل تنتج الأرض اليباس قمحا..؟
حالة من الاضطراب جعلت المُزارع يتساءل لمن يلجأ في شكواه ، وعند من يجد الحل الناجع لمشكلته ، هكذا حال هذه البلاد المعلولة بمن سلّمناهم أمر قيادتنا ورعاية شؤوننا وما رعوها حق رعايتها وهذه هي الورثة الثقيلة التي أورثنا لها القوم الذين لم تجني البلاد من نظرياتهم شيئاً مُفيداً وقد نجحوا في تدمير ما وجدوه ، وحال الجزيرة المشروع العملاق الذي تعمّدت الإنقاذ تدميره يدُل على أنّ التأهيل لن يكون سهلا ، وأنّ التدمير كان كبيراً ولن ينهض المشروع بالوعود والتطمينات التي لن تمتلئ بها التُرع ولن تُروى بها الحواشات.