أحداث عنف مدبرة بعناية، شهدتها (صالة قرطبة) بالصحافة نهار أمس، أدت لوقوع إصابات بين منسوبو حزب المؤتمر الشعبي وإتلاف لسيارات بعضهم، قبل أن يتدخل الجيش ويفض الأحداث ويقوم بإيداع أكثر من 25 شخصا منهم بسجن كوبر.
أحداث قرطبة وما صاحبها من ملابسات وآراء متباينة حول أصل الحكاية، أمر مرفوض جملة وتفصيلا، وفيه إدانة واسعة جدا لمرتكبي هذا الجرم البربري أيّا كان المتسبب فيه، سواء أكان من الثوار قليلي الوعي أو من الجهة التي دبرت بقصد وترتيب عالي جدا.
الملاحظة التي لفتت إنتباهي هي أن هذه الأحداث وقعت بعد وقت قصير من إعلان نائب رئيس المجلس العسكري إلغاء موكب دعى له الداعية (عبدالحي يوسف) وأهل الموتمر الوطني، وسمي الموكب بالمليونية المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية أو ما شابه حيث كثرت التسميات والاسباب الدينية في ظاهرها، وفي باطنها كانت (الفتنة). وهذا يعني بحسب مجريات الاحداث وتسارعها أن الوطني ومن شايعه من جماعات الهوس الديني، دائما حلولهم جاهزة وخططهم متدرجة، فحسب خطتهم (أ) في حال رفض مسيرتهم بحجة التوقيت الخاطئ وإستفزاز مشاعر الثوار، ولمنع إستمرار الإحتقان التي تعم الشارع تجاه أهل الإسلام السياسي، (وهو المتوقع)، كان لابد من وضع حل آخر يقود لفضَ الإعتصام وإرباك المشهد بالفوضى التي يمكن أن تحل بالبلاد ليتمكن أفراد
النظام البائد من العودة مجددا لفرض سيطرتهم وإحكام قبضتهم.
وهو ما حدث بإلغاء المسيرة، كان الإتجاه للخطة (ب)، بإحداث ربكة و(إراقة دماء)، ولبؤس الفكرة كان ضحاياها أهل الشعبي أنفسهم المشاركين بالأساس في وصول الأوضاع إلى ماهي عليه منذ العام 89 وحتى اليوم.
الاحداث التي إنتشرت فيديوهات بئيسة كريهة لا تختلف عن ما حدث للثوار الابرياء والفتيات على ظهور البكاسي وفي المعتقلات وجلدهن لثلاثين عاما قبل يوم 6 ابريل، تصور المصير الذي ينتظر بلادنا مالم يتم قمع مثل هذه التفلتات التي قامت بها فئة محرضة ومخربة وإستمرأها نفر غير قليل من المواطنين الممتلئين غُبنا، ولابد من إجراء تحقيق فوري لكشف المخطط ومن يقف خلفه من أيد خبيثة وشريرة هدفها إحداث الفتنة وإفراغ الثورة من سلميتها ونبلها الذي سارت به لأكثر من أربعة أشهر. وأدهشت به العالم، المتباكون من الإسلاميين عقب الحادثة والذين ينسبون الأمر لتجمع المهنيين او قوى إعلان الحرية والتغيير بفرية سيارات تحمل ما يكروفونات وأعلام حزب الامة وتجمع المهنيين وتحرض المواطنين للخروج لطرد المجتمعين، الرد عليها أن قوى إعلان الحرية والتغيير والثوار كان بإمكانها إحداث الفوضى عندما إغتالت ذات الأيدي العابثة الشباب وسفكت دمائهم، المجلس العسكري الإنتقالي هو المتسبب الرئيسي في هذه الأحداث، بمماطلته للمعتصمين في تسليم السلطة لحكومة مدنية حتى الآن ولجوءه لحيل المفاوضات المملة، ومتهم بالتقصير في حسم الفوضى والتهديدات التي ظل يرسلها منسوبو المؤتمر الوطني ومن شايعهم من أهل الإسلام السياسي للمعتصمين، وبعدم إعلان حل حزب المؤتمر الوطني وإعتقال قادته حتى ولو بالحفاظ على أمنهم وسلامتهم لحين تقديم المتورطين منهم للعدالة. فمن الثوار المغبونين من حرمه الإسلاميين من أبنه وأخيه ووالده وصديقه في سبيل التشبث بالسلطة، ومن الطبيعي جدا أن يحدث ما حدث في ظل المماطلة التي تحدث أمامهم بعدم تقديم اي متورط للعدالة، وطبيعي أن يلجأ البعض للإنتقام بطريقته الخاصة والتي قد تسفك المزيد من الدماء وتقود البلاد إلى الهاوية.
على المواطنين أن يكونوا حذرين بعدم الإنجراف وراء الفتنة التي يدعوا لها خبثاء الإسلام السياسي، وأن يحافظوا على سلمية ثورتهم وان يدعموا برنامج قوى إعلان الحرية والتغيير للنهاية حتى إكتمال تشكيل الحكومة الإنتقالية، وقتها كل الحقوق مستردة.