كُل عام وأنتُم بخير المُنى أن يعود علينا العيد وقد عاد فيه السودان وطناً آمناً مُطمئنا، فيه براحاتٍ تسع الجميع، يسعى إليه الناس من كُلِ مكانٍ بحثاً عن الاستقرار والرفاه، وعند الله مافي شئ بعيد.
للشيخ فرح ود تكتوك كما جاء في الحكايات الشعبية القديمة حكاية مع (الحاكم) صاحب البعير ، تقول الحكاية أنّ الأمير اجتمع ببعض المشائخ والفقرا بعد تداول الناس لكراماتهم وقال ليهم وكت عندكم كرامات قدُر ده علِّموا لي البعير ده القراءة والكتابة، ومنحهم مُهلة قليلة للرد عليه، فذهبوا للشيخ الحكيم فرح ودتكتوك وقصّوا عليه القصة رُبما يجدوا عنده ما يُخرجهم من هذه الورطة، فلم يتوانى في الذهاب معهم إلى الأمير، وقال له الأولاد عندنا يتعلّمون القراءة والكتابة في خمسةِ سنوات، فاترُك لنا بعيرك هذا لمدة خمسة سنوات ليتعلّم فيها القراءة والكتابة، فاستغرب المشائخ لتعهُد ودتكتوك، فرد عليهم بمقولته المُتداولة إلى يومنا هذا، يا مات فينا البعير أو الأمير أو الفقير، وللقصة روايات أخر مُتداولة.
مات الأمير والفقير والبعير، ولم تمُت الفكرة التي اتخذها ساستنا نظرية للمُراوغة والمُماطلة، يُكثرون فقط من الوعود ويتركون ما وعدوا به للأيام، لقناعتهم بعدم وجود الجدية الكافية عندهم للإيفاء بها، وقد أثبتت الأيام أنّ الساسة الذين اعتلوا عرش السُلطةلم يُوفوا بوعدٍ قطعوه على أنفسهم، ادمنوا التسويف وتغطّوا بالأيام مات منهم فيها من مات، وترجّل فيهم (قسراً) من ترجّل، ذهبوا وما عادت وعودهم مُلزمة للتنفيذ، ونخشى من ذهاب هؤلاء قبل الإيفاء بما التزموا به لا سيّما في الإفصاح عمّن كانوا سبباً في جريمة فض الاعتصام الكارثية، والتي تُعتبر من القضايا المهمة الموضوعة أمام الحكومة الانتقالية والفصل فيها (إن) تحقق يُعتبر انجازاً يصُب في مصلحتها ويدعم مسيرتها.
الجميع يسأل عن (المُجرِم) الذي ارتكب جريمة فض الاعتصام من هو ومن سند ظهره ودفعه لارتكاب هذه الجريمة النكراء البشعة ولمصلحة من تمّ ارتكاب هذا الجُرم الفظيع يا تُرى..؟، للأسف دخلنا في عام الثورة الثالث وما زالت لجنة أديب تتعلّل بضيق الوقت وتُطالب كُل حين بتمديد فترة عملها للمزيد من التقصّي، وما زالت السُلطات تتوارى خلف هذه اللجنة، وتتعلّل بها بلا مُبالاة لحجم الألم الذي تمدّد في نفوسِ أسر الشُهداء الذين مضوا إلى رحمة ربهم وتركوا الحُزن باقٍ في قلوب ذويهم، وما زادهم حسرة على حسرتهم لفقدناهم فلذات أكبادهم أنّ القاتل يمشي بين الناس حُراً لا يخاف على نفسِهِ من عقاب، وما من سببٍ يدعوه للخوف ما دامتِ السنوات تمضي، والتراخي بات واضحا.
نسأل الله أن يتقبّل الشُهداء عنده بقبولٍ حسن وأن يُلزِم أهلهم الصبر على فراقهم.
ونُذكِر الجميع أنّ للحق العدل يوم عدلٍ يجتمِع فيه الخُصوم وفيه ميزان لا انتظار فيه لتحقيقات اللجان.