صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

لا يتذكرون!!

10

إليكم

الطاهر ساتي

لا يتذكرون!!


:: كان الخبر الأول لبعض صحف الأمس، والخبر الثاني لصحف أخرى، وهذا يعني أن الخبر )مهم للغاية(.. عادت بائعات الشاي للعمل مجدداً في شارع النيل بعد توقف دام قرابة عام، وكان قد صدر قرار من معتمد الخرطوم السابق أحمد علي أبو شنب بحظر عمل بائعات الشاي في شوارع الخرطوم، بما فيها شارع النيل، وقد توزعت بائعات شاي على شارع النيل اليوم، وكان مدير جهاز الأمن والمخابرات، قال في تسجيل مُسرب، إن أحد أسباب احتجاجات الشباب منع محال الشيشة وإغلاق شارع النيل.
:: هكذا الخبر الذي تصدر قائمة أخبار الأمس.. وليس هناك ما يُدهش بأن تصبح عودة بائعات الشاي إلى شارع النيل )حدثاً مهماً(، إذ كل أمور الناس وأنشطة مجتمعاتها في قبضة السلاطين الذين بأمرهم تُطرد بائعة الشاي وبأمرهم تعود.
:: والمهم.. نعم، كثيرة هي الأسباب التي أوصلت بلادنا إلى ما هي عليه اليوم.. أسباب سياسية وأخرى اقتصادية، ويعاني منها الجميع ويرفضها، وليس الشباب فقط.. ومع ذلك، لم يترك من نلقبهم بالمسؤولين الناس – وخاصة الشباب – في بحر معاناتهم وضنك حياتهم وغلاء معيشتهم.. بل أثقلوا على كاهلهم بالمزيد من المواجع، ومنها إخلاء شارع النيل من )الحياة(، بأمر المعتمد السابق الفريق أحمد علي أبوشنب، ليتحول إلى أوكار مهجورة وأطلال ومنطقة )شبه عسكري(.
:: وقد عادت الحياة إلى شوارع النيل بالخرطوم، كما أبرزتها أخبار صحف الأمس، لترتادها الأسر والشباب والأجانب طوال ساعات الليل وبعض ساعات الفجر بسلام وأمان، ولم يكن هناك ما يُعكر صفوهم، أو كما كان يفعل أبو شنب.. وقلتها ذات يوم، عندما طردوا البائعات والشباب، بأن الإدارة – كما القيادة – فن وذوق، وليست فقط: )نحن ماشين نكسر شارع النيل(، أو التباهي بمطاردة النساء وتحويل المواقع السياحية إلى ما يُشبه المقابر.
:: ولولا غضب الشباب الراهن، ثم حديث مدير عام جهاز الأمن والمخابرات، لما تخلَّى أبو شنب وغيره عن هوايتهم.. وبالمناسبة، كان بدأ يُطارد بائعات الشاي بأم درمان، أي كان قد بدأ )يكسح ويمسح(، أو كما يُسمِّي عمليات تحطيم أواني الشاي ورفع النساء على عربات الشرطة ثم حبسهن لحين دفع الغرامة.. ومثل ذلك هو ما يخلق الكراهية بين الشرطة والمواطن.. فالشرطي يجب أن يحمي الناس، وليس اضطهاد الناس.
:: والمسؤول قبل أن يؤدي القسم، كان يجب أن يلتحق بدورة تدريبية ليتعلم الكثير، والأهم يتعلم معنى: )إذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس، فتذكر قدرة الله عليك(.. فالسلاطين لا يتذكّرون قدرة العزيز الجبار عندما يرسلون العسس إلى حيث أولئك )الضعيفات(، ليصبوا جام بطشهم فيهن وفي أواني مهنتهن بلا رحمة.. وكالعهد بهم، فإنهم لا يفعلون شيئاً غير إدخال الحزن والغبائن في نفوس بائعات الشاي.. ومع ذلك يتساءلون عن أسباب غضب الناس.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد