بعد أن قرأت تشبث وزراء حزب “الأمة الفيدرالي” بكراسي الوزارة ورفض الانصياع لقرار المكتب السياسي ورئيس الحزب، تساءلت عن الطريقة التي ستتعامل بها الحكومة لاحقاً مع المنشقين منها.
صحيح أن أبرز سياسات الوطني خلال الأعوام الطويلة الماضية في التعامل السياسي مع الخصوم، اعتمد على مبدأ مساندة الخلافات والانشقاقات، فكان تناثر الأحزاب مُباركاً مرحباً به، من قِبل الحزب الحاكم، ولم يقتصر الأمر على الحركات المتمردة من دارفور أو تلك المنشقة من الحركة الشعبية الأصل، إنما امتدت لأحزاب الأمة والاتحادي وغيرها.
أمس الأول أعلن رئيس حزب الأمة الفدرالي أحمد بابكر نهار انسلاخه من حكومة الحوار الوطني لما سماها “نتائج الفشل على المستوى السياسي، والذي أدى إلى فشل اقتصادي واستمرار الصرف على الأمن وعلى الحرب ضد أبناء الوطن”.
قرار نهار اتُخذ بعد اجتماع للقطاع السياسي، وهو المعني باتخاذ هكذا قرارات، لكن وزراءه في الحكومة، بينهم وزير السياحة الاتحادي و3 وزراء ولائيين، أعلنوا انقلاباً سريعاً على قرار نهار، لا برفض التنفيذ، إنما بما سموه “تجميد نشاط رئيس الحزب”، في محاولة لقلب الطاولة!
هكذا هو مستوى كثير من الأحزاب السياسية السودانية، يُظهر صدور أي قرار، كم هي ضعيفة وهزيلة لا قاعدة أو سند، لا إمكانيات أو كفاءات أو برامج حقيقية، هي أحزاب قابلة للتشظي والانهيار في أي لحظة.
ما يحدث يفتح باب واسعاً للتساؤل عن التكتيكات التي ينوي الحزب الحاكم العمل بها، في هكذا حالات.
هل يقابل الوفاء بالوفاء، والتقدير بالتقدير، كما ظل يفعل سابقاً، فيتمسك بالمنشقين ويمنحهم المناصب المختلفة، ويقول لهم “شكراً لكم، سيظل هذا المنصب من نصيبكم”.
أم أن الظرف الحرج، سياسياً واقتصادياً، قد يُجبر الوطني إلى شكر المسؤول وإبعاده، ليتيح الخانة إلى حزبٍ آخر، أو شخصٍ كفؤٍ آخر، يتولى المنصب والمسؤولية؟
الطبيعي أن تستغني الحكومة عن الرجل، لأنه جاءها عبر محاصصة سياسية وليس عبر باب الكفاءات والمقدرات.
فما قيمة التمسك بالأشخاص، إن استغنى الحزب ورئيس الحزب عن المشاركة في الحكومة؟!
هل للوطني خطة واضحة يُمكن أن يطبقها أم أنه سيخضع الأمر إلى بعض الأمزجة الشخصية؟
ما حدث للأمة الفيدرالي مجرد نموذج واحد لحالات ستتوالى، لا تقتصر على الانسحاب والمشاركة، إنما تمتد لما هو أهم وأكبر.