انتهت مدة صلاحية الخداع الذي إرتدى ثوبه قائد الجيش وقائد الدعم السريع تحت غطاء ما يسمى الحرص على الحوار والتوافق الوطني ومصلحة الوطن، انتهى سريعاً بعدما فشلت محاولاتهم المتكررة بقناع زائف، فالدعوة للتوافق الوطني وبداية الحوار عبر الآلية الثلاثية التي رحبوا بها هي كانت المفتاح الخاطئ للأبواب المغلقة التي لوح بها العسكريون للداخل والخارج ، ظناً منهم ان العالم يمكن ان تفوت عليه مثل هذه السيناريوهات، سيما انها تأتي برعاية أممية وجهات مازالت تحتفظ بثقة المراقبين.
فالعسكريون خبوا خبثهم خلف اللافتات البراقة للآلية الثلاثية لعرض تجارتهم الخاسرة للعالم حتى يشتروا بها قليلاً من القبول والدعم ولكن فضحتهم وجوه الحضور التي كتبت نهاية الحوار قبل بدايته، وكشفت انهم غير صادقين في نواياهم ، وان رغبتهم في العودة الى الوراء أكبر من رغبتهم في الاقبال على تحقيق ماينشده المواطن حاضراً ومستقبلاً، فالبرهان ان كان له ثلاثة أيادي لخنق الشارع بيدٍ ، وللوح للغرب والحوار بيدِ ولجعل الثالثة تمسك بالفلول وعناصر النظام البائد، وخرج للشعب يبتسم زيفاً.
والقوى الثورية كانت أوعى بكثير من القوى السياسية لأنها رفضت الحوار مع العسكريين مبكراً ورفعت في وجههم اللاءات الثلاث، ولم تتوقف مواكبها الرافضة للانقلاب وقالت صراحة انها لا تثق في العسكريين مرة أخرى، عكس القوى السياسية التي دعت للتسوية وقدمت مطالبها على طاولة العسكريين من جديد ومن بعدها اكتشفت (ان لا أمان للبرهان).
بعد ذلك كله وبعد ان أدرك البرهان ان المجتمع الدولي يرفض الانقلاب ويرفض الحوارات (الفالصو) مع التابعين والعاملين على الإنقلاب والمؤلفة قلوبهم معه وكشف خداع العسكر من أول جلسة افتتاحية، كما ادركوا أيضاً ان الشارع لفظهم تماما وبات لا يسمع لهم ولا يلتفت لأكاذيبهم، وان القوى السياسية وضعت شروطاً قاسية عليهم طالبتهم فيها بالابتعاد عن الساحة السياسية، واصلاح المؤسسة العسكرية
بعد ان تيقن البرهان ان لامجال ( للغش ) في ورقة امتحان الوطن مجدداً، عاد من جديد يقالد حقيقته بعد غياب ليس بالطويل واتهم رئيس المجلس الانقلابي عبدالفتاح البرهان، المتظاهرين بانتهاك السلمية ومهاجمة أقسام الشرطة والمقار الحكومية، حسب زعمه، وذلك في مقابلة حصرية مع قناة الحرة ، وأكد خلال الحوار، أن قوات الأمن لديها تعليمات واضحة “بعدم مهاجمة من يريد التعبير عن رأيه، كما أنها مأمورة بعدم حمل الأسلحة أو مطاردة المتظاهرين، وأن تبقى في مواقعها وتحافظ على ممتلكات الدولة (استغفر الله العظيم).
فالبرهان ينتهك (بلد بحالها) تقتل سلطاته شبابها وتغتصب فتياتها وتعتقل مواطنيها، بعد ان دمر الانقلاب اقتصادها وجعلها على شفا حفرة المجاعة، وجعل مواردها تنهب نهاراً جهاراً، براً وجواً وبحراً، يأتي قائد الانقلاب بتحدث عن انتهاك السلمية حتى يبرر ما سيقدم عليه في خطوات، فخروج البرهان وتصريحاته واتهاماته للثوار والتي سبقتها اتهامات الشرطة والتي تحدثنا عنها بالأمس جلها هي (مزيكة) البداية التي يعزفونها قبل ان يرتكبوا جرماً أكبر، فالقادم هو مزيد من الاعتقالات لرموز سياسية قد تبدأ باعضاء لجنة التفكيك مرة أخرى واعتقالات لقيادات ثورية (لجان المقاومة) بالاضافة الى مزيد من العنف ضد الثوار في مواكبهم القادمة.
وكذب الطغاة ولو صدقوا، فتصريحات البرهان كان لابد ان تتزامن معها تصريحات دقلو شريكه في الخديعة والذي قال ان هناك عدداً من الحالات في بعض الولايات ارتكب بعض من قوات السريع فيها عدداً من مخالفات، تم تسليمهم للعدالة، وأضاف قائلاً “نحن لا نتدخل في العدالة، وان كل من شارك من قواتنا في فض الاعتصام سلمناهم للعدالة ، فحميدتي يقر ويعترف ضمناً انه شارك في فض الاعتصام بعد ان قال من قبل ان ثمة جهات ارتدت زي الدعم السريع وقتلت الثوار في القيادة، واليوم يكشف دقلو عن وجه قواته الاجرامي لكن من قال لدقلو انه يمكن ان يسمح له ان يكون لصاً وجلاداً وحكماً، وان الاشياء ستمر هكذا، دون محاسبته ومحاسبة قواته وإن الذي يأمر بالقتل وارتكاب الجرائم هل يمكن ان يحقق العدالة !!
فخلاصة القول ان الشارع يجب ان ينتبه جيداً لكل أنواع المُكر التي ربما تحاك ضده، فكلما ضاقت بهم سبل الحياة كلما مارسوا أبشع الجرائم لإسكات صوت الحق الذي يلاحق باطلهم حتى يكتب لهم الزوال .
طيف أخير
قيمة الوطن نقطة ينتهي عندها ألف شخص لا وطني مهما كانت قيمته.