يوم أمس كنت في زيارة ودية برفقة أحد الأصدقاء للرجل العلاّمة و القانوني الضليع الأستاذ نبيل أديب المحامي (اااي المحامي حقي ) ، كنا في زيارة له بمكتبه ، الزيارة كانت بغرض إلقاء التحية عليه والإطمئنان على صحته من قبل صديقنا المشترك الطبيب العائد من مقر عمله بإنجلترا.
و في كل المرات التي كنت ألتقي فيها الأستاذ نبيل كان لابد أن يأتي الحديث بصورة أو أخرى عن التحقيق في مجزرة فض الإعتصام .وفي كل تلك المرات كنت أتأكد أكثر و أكثر أن الملف في أيد أمينة. بل كنت أقول في قرارة نفسي لو أن حمدوك صدق مع هذا الشعب في قرار واحد فهو إيكال أمر التحقيق في هذه القضية الخطيرة و الحساسة التي راحت فيها أرواحاً طاهرةً و دماءً ذكية لشهداءنا الأبرار بغير ذنب أقترفوه .أفضل قرار كان إيكال التحقيق إلى الأستاذ نبيل . يوم أمس وأنا مع أستاذ نبيل توالت عليه المكالمات من صحفيين و وكالات أنباء و فضائيات جلها تسأل عن صحة الخبر المتداول عن إعتذار كباشي عن الإدلاء بشهادته .
المحير في الأمر أن الأستاذ نبيل أديب كانت إجابته موحدة وذات صيغة واضحة أن كباشي لم يعتذر و لم يبد أي نوع من أنواع الرفض ، إنما تمت إعادة جدولة الاستماع إلى الشهادات لأسباب موضوعية . ظلت أحدى الصحافيات تحاول وضع العبارات على لسان نبيل وتقول موضوعية حسناً هل نقول أنك تتوقع أنه سافر إلى اليمن أو إلى الفشقة أم أقول أنه يعاني من مشاكل صحية وإلتهابات في الكلى.
إشتط نبيل غضباً و قال لها هل قلت لك هذا ، أنا قلت أسباب موضوعية لا تحرفي الحديث و لا تزيدي من رأسك ، واصلت الصحفية حسناً من الممكن أن نقول أننا علمنا من مصادرنا أنه سافر إلى اليمن ، أو نقول أنه تعرض لوعكة صحية ولن أذكر اسمك . قال لها هل قلت لك ذلك ..؟؟ ، لماذا لا تتقيدين بالنص الذي ذكرته لك فقط ، لا تؤلفي و تزيدي الكلام على مزاجك …!!
ذلك الحديث بين نبيل و بعض الصحفيين كان نموذجاً صادقاً للإعلام السالب الذي يصب الزيت فوق النار و يخلق خبر و مانشيت لاوجود له على أرض الواقع . وأعتقد أن الكثير من الضغوطات التي تعرضت لها لجنة التحقيق في فض الإعتصام كانت بسبب تحوير الحديث أو إجتزاء بعضه بشكل مخل أو إضافة تعبير أو تغيير مفردة بأخرى قد تغير مجرى و معنى الجملة كلياً . الآن أعتقد أن تأخر كباشي في الإدلاء بشهادته وبغض النظر عن الأسباب الموضوعية ، الا إنه ليس في صالح التحقيق في شيء ، فقد مر أكثر من عام و نصف على مجزرة فض الإعتصام …!!!
هل يحتاج كباشي إلى عام ونصف آخر لتكون ظروفه مواتية للإدلاء بشهادته أم أن عام و نصف غير كافية ليذاكر و يراجع إفادته .أم أنه يتعامل بفقه سهر الجداد ولا منامه.
إن الشعب السوداني ينتظر قاطبة نتيجة التحقيق و ينتظر قبلها شهادة كباشي، و على كباشي أن ينجز هذا الأمر لأن الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من الاستفزاز .
خارج السور
على كل عضو في المجلس العسكري وهو في طريقه إلى لجنة نبيل أديب أن يقف في منتصف شارع القيادة ويتصنت لأصوات الرصاص و الصراخ و ينزل إلى الأسفلت و يشم رائحة دماء الشهداء ثم يذهب إلى الإدلاء بشهادته .