* يظل الري المعضلة المزمنة في مشروع الجزيرة الآن ويصبح الحديث المستدام في كل عروة زراعية، قبل التفكير في علاج مشكلة الري يبدأ العمل في الزراعة بالتحضير وتوفير المدخلات بجانب الجهود المصاحبة لكل عملية زراعية. عندما يصل المزارعون مرحلة سقاية المحصول المزروع يواجهون الحقيقة المرة انه لا توجد مياه تصل للحواشة وبدون معرفة الأسباب الحقيقية يحملون وزارة الري والمسئولين في الأقسام فشل منظومة كاملة في الدولة تبدأ من وزارة المالية ووزارة الزراعة وإدارة مشروع الجزيرة التي تفكر بالمقلوب لتواجه أزمة في الري ذات أسباب مختلفة كان من الاجدى أن تتم معالجتها قبل التفكير في الزراعة، الأمر الذي يدعو للرثاء على حالة إدارة مشروع الجزيرة اليوم انهم يحددون المساحة التأشيرة في كل موسم دون التأكد من أن هذه المساحات ستجد المياه الكافية لريها ثم يتفاجأوا بالحقيقة أن هنالكم مشكلة في عدم وجود الآليات وتصبح خسائر مركبة في تحضير الأرض ورمي التقاوى وتشتيت الأسمدة في انتظار الري بلا أمل.
* الري كمنظومة تأثر هو الآخر بالتردي الذي تشهده البلاد والمستوى المأساوي الذي انتهت إليه كثير من المرافق الحكومية وما الحقته الإنقاذ بالقطاع العام والزراعة على وجه الخصوص وما يحدث في الري ليس استثناء، وزارة الري من الوزارات المميزة التي عمل بها خيرة المهندسين السودانيين وتركوا فيها بصمات لن تمحي وأرسوا فيه تقاليد ونظم يتوارثها المجتهدون ولا يمكن أن تغمر من لدن الباشمهندس خبير الري صغيرون الزين ومرتضى أحمد إبراهيم والأسطورة الباشمهندس يحي عبدالمجيد الذي تظل حكاوي زمانه تتداولها الألسن من شدة حرصه على مياه الري ان صادف أثناء تفقده قنوات الري بالمشروع احد المواطنين يملأ خرجه من على ظهر حمار بمياه أخذها من الترعة فما كان من الوزير عبدالمجيد أن لقنه درساً في الحفاظ على مياه الري التي تخرج من الخزان بمقدار ليس من بينها شرب المواطنين وكتب له مذكرة لشيخ الأمين محمد الأمين رئيس اتحاد المزارعين أن يساعد مواطني قرية ذلك المواطن بحفر بئر ارتوازي منعاً للتعدي على مياه الري وقد كان لهم ما أرادوا.
* الزراعة الآن في مشروع الجزيرة وبقية المشاريع تتم بصورة عشوائية بدون تخطيط مسبق وبدون تحديد المطلوبات وتوفير المعينات والأساسيات ومن بينها الري الذي يتطلب من الدولة أن تعلن حالة الطوارئ بشأنه لجهة أن المتغيرات العالمية تقول ان الحرب الكونية القادمة هي حرب الحصول على المياه والتي منها كل شيئ حي، بداية تلك الحرب نشهدها اليوم وتدور رحاها من حولنا في ما يسمى بسد النهضة الذي يعني لمصر بأنها بداية حرب المياه، بينما السودان ساهي لاهي لا يقدر خطورة هذه الحرب التي بدأت بفرض حالة التسيب والاهمال وعدم الاستفادة من حصة مياه النيل البالغة ١٨ ونصف مليار متر مكعب نصيب مشروع الجزيرة منها ٧ مليار متر مكعب وبسبب الهدر والكسور والقصور ارتفع نصيب المشروع إلى ٩ مليار متر. كانت نسبة الاستهلاك اليومي تقدر بحوالي ٣٠ ونصف مليون متر مكعب لتقفز بسبب مشاكل الري إلى ٣٨ مليون متر مكعب يومياً. عدم الاهتمام بالري يجعل أكثر من ثلث حصتنا تذهب شمالاً لمصر التي تنتظر المزيد.
* كثير من الأقسام تجأر بالشكوى بسبب عدم توفر مياه الري وكذلك عدم وجود كراكات لتطهير الترع بجانب تزايد حالات الاعتداء على قنوات الري وإلحاق الأضرار بالبوابات والكباري في القنوات الرئيسية والمواجر والترع الجانبية والتي يبلغ طولها جميعاً أكثر من ١٠ الف كيلومتر اي بمحيط الكرة الأرضية مسئولية إدارة الري في الأقسام حيث تبلغ مساحة ارالة الحشائش من ترع القسم الواحد في حدود ٦٠ الف فدان والإطماء في مساحة ٥٠ الف فدان تتراوح بين الزيادة والنقصان في القسم الواحد من ما جملته ٢٣ قسماً للري، مسئولية الري حسب القانون هي توصيل المياه إلى فم أبوعشرين فقط والذي يقع تحت مسئولية إدارة المشروع التي أدمنت الفشل في حفر ابوعشرينات بالطرق العلمية المثلى وتركت الأمر للمزارعين الذين يحفرونه بالبوكلين والمحاريث، ما يساعد في مزيد من مشاكل الري لجهة أن مستوى المياه في أبوعشرين يصبح تحت سطح الحواشة وهذا فاقد كبير وهدر للمياه غير الكسور وارتفاع كلفة الري باستخدام وابورات الليستر والرافع، من مشاكل الري المزمنة والمعروفة بأن وزارة الري تقوم بالتعاقد مع شركات هندسية لتطهير الحشائش وإزالة الاطماء من الترع لتسهيل انسياب المياه، مشكلة هذا الموسم انه وبعد رفع الدعم عن الوقود كان من المفترض أن تقوم وزارة المالية بزيادة العقد للشركات بنسبة الفرق بين الاسعار السابقة والحالية للوقود الأمر الذي لم تهتم به وزارة المالية وكأنها تريد أن يعمل الناس بالخسارة، ما يحدث في الري هي مسئولية وزارة المالية وان فشل الموسم الشتوي وخسارة المزارعين وتضرر البنك الزراعي بسبب عدم قدرة المزارعين تحمل الخسائر التي تسأل عنها وزارة المالية الراجية الري، الري يحتاج بصورة عاجلة لشرطة متخصصة ونيابة ومؤتمر يناقش قضايا الري في الجزيرة.