بعد يوم من إعلان محمد حمدان دقلو “حميدتي” اعتذاره عن المشاركة في المجلس العسكري الانتقالي برئاسة وزير الدفاع عوض ابن عوف ورئيس الأركان كمال عبد المعروف، تم الإعلان عن ترقية الرجل إلى رتبة فريق أول وتعيينه في منصب نائب رئيس المجلس.
لم يتخرج “حميدتي” البالغ من العمر 43 عاما من كلية عسكرية إلا أنه يترأس قوات الدعم السريع التي هي جزء من اللجنة الأمنية التي تشكل المجلس العسكري الانتقالي.
وكان الرئيس الذي عزل من منصبه عمر البشير قد استدعى قوات الدعم السريع لمحاولة السيطرة على الاحتجاجات.
وحسب الناشط السوداني أيمن ثابر، وصل “حميدتي” بقواته فعلا إلى الخرطوم لكنه رفض المشاركة في قمع التظاهرات، ما أكسبه قبولا لدى البعض، رغم أن البعض يعتبر قواته “ميليشيا مرتزقة”.
وأصدرت قوات الدعم السريع بيانا مساء الجمعة حددت فيه الخطوات الواجب اتخاذها لمعالجة الأزمة، ومنها وضع برنامج واضح لفترة انتقالية لا تزيد عن ستة شهور وتشكيل مجلس انتقالي عسكري مهمته إنقاذ الوضع الاقتصادي وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وتشكيل حكومة مدنية يتم الاتفاق عليها بواسطة القوى السياسية.
ونال “حميدتي” تأييدا من البعض عندما رفض الانضمام للمجلس العسكري الانتقالي الذي لم تتضح ملامحه، ورفضته القوى الداخلية والخارجية.
غير أن رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان وفي أول خطاب له أكد على أن الفترة الانتقالية ستستمر عامين كما كان قد حدد سلفه الفريق أول عوض ابن خلف.
لماذا غيّر “حميدتي” رأيه؟
يرى الناشط أيمن ثابر أن “حمديتي” كان يعلم أن ابن عوف ونائبه كمال عبد المعروف “غير مرحب بهما تماما من الشارع السوداني” وأنهما من أعمدة النظام الرئيسية، كما أنه كان يرفض فكر جماعة الإخوان، ولم يكن مؤدلجا.
ويشير الناشط أحمد البدوي إلى أن “العلاقة بين رئيس المجلس الانتقالي المستقيل وزير الدفاع عوض بن عوف وبين حميدتي لم تكن جيدة لأن بن عوف قتل الكثير في إقليم دارفور الذي ينتمي إليه حميدتي”.
لكن قوات الدعم السريع ذاتها التي يرأسها حميدتي متهمة أيضا بارتكاب مخالفات أثناء قتال المتمردين في دارفور.
وتشكلت قوات الدعم السريع منذ نحو سبع سنوات لقتال المجموعات المتمردة في دارفور، كما عملت على حفظ الأمن على الحدود السودانية الليبية.
ولا يعتبر “حميدتي” غريبا عن رئيس المجلس العسكري الجديد الفريق عبد الفتاح البرهان، إذ عملا سويا وعن قرب في ملف القوات السودانية في اليمن المشاركة مع التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين.
وقالت ويلو بيردج، مؤلفة كتاب “الانتفاضات المدنية في السودان الحديث” وأستاذة التاريخ في جامعة نيوكاسل، إنه بموجب توليه الملف اليمني، عمل البرهان عن قرب مع قوات الدعم السريع السودانية.
وأوضحت أن “دور قوات الدعم السريع، ارتكبت فظاعات واسعة في دارفور”، مضيفة أنها “في هذا التحرك الأخير ستثير ريبة الكثيرين”.
ولفتت إلى أن المجموعات المتمردة المتعددة في دارفور ستتوجس على وجه الخصوص.
واندلع النزاع في دارفور عام 2003 عندما حمل متمردون السلاح ضد حكومة الخرطوم التي يهيمن عليها العرب، متهمين إياها بتهميش المنطقة اقتصاديا وسياسيا.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن نحو 300 ألف شخص قتلوا في النزاع بينما نزح الملايين.
وفي 17 أيار/مايو 2014 اعتقل الصادق المهدي من جانب الجهاز الوطني للاستخبارات والأمن على إثر انتقاده ممارسات قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تقاتل إلى جانب الحكومة في إقليم دارفور المضطرب.
وحتى بداية 2017 كانت قوات الدعم السريع تتبع جهاز الأمن والمخابرات ثم أصبحت تتبع القوات المسلحة، بالرغم من أن معظم منتسبيها ليسوا خريجي كليات عسكرية.