في 23 فبراير 2022، وبعد أربعة أشهر فقط من الانقلاب الذي أطاح بالحكومة الانتقالية في السودان وجعل محمد حمدان دقلو «حميدتي» أحد الشخصيتين الأقوى في البلاد، كان زعيم قوات الدعم السريع (المجموعة شبه العسكرية التي قاتلت المتمردين المناهضين للحكومة في أطراف البلاد من قبل) يتأهب لتعزيز صعوده السياسي، بعد أن أحكم إعداد أوراقه السياسية.
الطائرة التي ستقله إلى العاصمة الروسية موسكو كانت على مدرج المطار. قبلها بأسابيع قليلة، كان قد أجرى هو وشقيقه عددًا من الزيارات الخارجية، انتهت برحلة روسيا، التي طمح أن تكون رحلة تتويج تُمكنه من التغلب على منافسه السياسي، وشريكه في السلطة منذ ذلك الحين، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية. توافق الاثنان على الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019، وتحركا معًا ضد العنصر المدني في الحكومة الانتقالية في 2022، قبل أن تحين لحظة المواجهة بينهما.
تمكّن حميدتي من إحياء اتفاق لإنشاء مركز دعم لوجستي روسي على الساحل السوداني للبحر الأحمر، وبالتالي تأمين الدعم العلني من موسكو، ليكمل تحوّله السياسي: من مربي ماشية إلى قائد ميليشيا عسكرية تم نشرها لمحاربة التمرد في منطقة على أطراف البلاد، ثم إلى سياسي يحتل موقعًا كبيرًا على خريطة السُلطة السودانية، يتحدث بثقة مع زعماء العالم على المسرح الدولي. سيكون هذا التحوّل انقلابًا حقيقيًا.
لكن، عندما هبط زعيم قوات الدعم السريع في موسكو في تلك الليلة، استقبله المسؤولون الروس الذين يتطلعون إلى تأمين موطئ قدم أقوى في إفريقيا، كما استقبلته أيضًا أنباء عن بدء غزو أوكرانيا.
لكن حميدتي لم يأبه بالعواقب وتخلى عن حذره، وقدّم عرضًا نموذجيًا للجرأة، حين صرّح للصحافة في مطار موسكو أن «لروسيا الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها ومواطنيها وفقًا للقوانين والدستور». أثار التعليق عاصفة من الإدانات من سياسيين غربيين ووسائل إعلام غربية، في عالم مُستقطب حديثًا.
في المقابل، كان البرهان، الوجه الآخر لانقلاب 25 أكتوبر، قد أنهى جدول أعماله لليوم التالي في الخرطوم، بعد اجتماعه بوفد محلي في القصر الرئاسي، وتوجه إلى منزله في ليلة هادئة.
جرى ذلك وفق خطة مُعدة سلفًا. كان الجنرالات العسكريون السودانيون يدركون تمامًا أن توقيت زيارة حميدتي لموسكو «قفزة في الظلام»، كما قال مصدر عسكري سوداني لـ«مدى مصر». على الرغم من المخاطر السياسية الكبيرة المرتبطة بالزيارة، كان الجنرالات يراهنون على أن أي فوائد من الزيارة يمكن أن يتم تقاسمها بينهم، وأن الخسائر المتوقعة ستقع على شخص واحد: حميدتي.
بدأ الحديث عن زيارة حميدتي إلى موسكو في نهاية ديسمبر. ومع ذلك، دفع البرهان حميدتي لتأجيل الرحلة بسبب شكوك في أن نائبه يرغب في توطيد علاقته مع روسيا، بالنظر إلى أن قوات الدعم السريع تعمل مع مجموعة المرتزقة الروسية فاجنر لإدارة تجارة الذهب المربحة في دارفور، حيث أنشأ حميدتي قاعدة سلطته، بحسب مصدرين عسكريين سودانيين.
لكن عندما بدا أن الغزو الروسي لأوكرانيا وشيك، شجّع البرهان حميدتي على المُضي قدمًا في الزيارة، لكي يضعه في مواجهة ما كان يعرف أنه سيصبح عاصفة حول العلاقات الثنائية بين البلدين، بحسب المصدرين.
اليوم، اندلع التوتر بين الخصمين علنًا، إذ اشتعلت اشتباكات بين قواتهما في شوارع الخرطوم وفي مختلف الأنحاء في البلاد منذ الأسبوع الماضي. يتنافس الجانبان على السيطرة على المواقع الاستراتيجية، إلا أن التفوق الجوي للقوات المسلحة يمثل ميزة كبيرة حتى الآن. نجحت القوات المسلحة في طرد قوات الدعم السريع من المناطق الرئيسية في الخرطوم. من جانبه، قام حميدتي بتصعيد خطابه الإعلامي في الأيام التالية، وخرج ليصف البرهان بالمجرم الذي ستتم ملاحقته ويدعو إلى التدخل الأجنبي للإطاحة بالجنرال، الذي وصفه بأنه «إسلامي».
أثّر هذا القتال على الخرطوم، حيث تقع معسكرات قوات الدعم السريع والبنية التحتية العسكرية بجوار المناطق السكنية، وفي دارفور بشكل ملحوظ. بحسب وزارة الصحة السودانية، قُتل 512 شخصًا، وأُصيب أكثر من أربعة آلاف، في أنحاء مختلفة من البلاد منذ بداية الاشتباكات.
إلا أن هذا التوتر لم يبدأ منذ أسابيع أو حتى شهور. مصادر تحدثت إلى «مدى مصر» خلال العام الماضي من جهات رسمية في القاهرة وعواصم إقليمية، ودبلوماسيين أجانب، ومجموعة من المصادر العسكرية والسياسية والأمنية السودانية، رسمت صورة للهيكل السياسي الذي أسسه انقلاب أكتوبر، والذي أطاح فيه البرهان وحميدتي بالمجموعات المدنية في الحكومة، ما أدى على الفور تقريبًا إلى حالة من الارتياب واندلاع تنافس شرس بين الشخصيتين القياديتين. أدى هذا الانهيار إلى بدء المنافسة بين الجهات الفاعلة المحلية والأجنبية التي تتطلع إلى تأمين موطئ قدم قديم أو جديد في السودان.
أنهت الإطاحة بالبشير في 2019 ما يقرب من ثلاثة عقود تعرض فيها السودان للنبذ دوليًا، وفتحت الباب أمام إعادة العلاقات مع الغرب وإعادة بناء اقتصاد مزقته العقوبات والفساد. مع هذا الانفتاح، ظهرت فرص للعديد من الجهات المحلية الفاعلة، التي بدأت تقدّم نفسها باعتبارها مسؤولة سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا أمام الخارج، الذي يتطلع إلى تأمين النفوذ في بلد يتمتع بموقع استراتيجي على البحر الأحمر، ويُعد بوابة إلى حزام الساحل الإفريقي، ويضم احتياطيات كبيرة من الذهب والمياه والنفط.
بدأت تلك العلاقات تتشكل بين الفاعلين المحليين والدوليين. تعهد الغرب بتقديم مساعدات مالية بمليارات الدولارات لحكومة انتقالية مدنية-عسكرية. وتعهدت دول الخليج كذلك باستثمارات واسعة النطاق في الموانئ والزراعة. لكن انقلاب 25 أكتوبر أعاد السودان إلى نوع من العزلة. علّقت دول غربية وعودها بالمساعدة، بعد إقصاء رئيس الوزراء المدني، عبد الله حمدوك. أما في الوقت الراهن، تلاشى الاستقرار السياسي الذي قام على سياسات البشير الطائفية والسلطوية، واستبدلته مؤسسة أمنية مُمزقة تتطلع إلى تأمين أهدافها الخاصة.
هذه الأهداف وضعت البرهان في موقف معقّد. يتحرك بين القصر الرئاسي والقيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، والمسافة بينهما تزيد قليلًا عن كيلومترين، ليلعب منهما دورين مختلفين منذ انقلاب أكتوبر. أصبح يواجه مخاوف على الجبهتين. في القيادة العامة، يواجه البرهان شبح مؤسسة عسكرية أطاحت سابقًا بثلاثة جنرالات من السلطة خلال العقود الستة الماضية. تاريخيًا، كانت الأزمات الاقتصادية بمثابة الحافز الرئيسي الذي يدفع القوات المسلحة للتحرّك نحو القصر الرئاسي استجابة للانتفاضات الشعبية، وهو ما فعله البرهان نفسه قبل أربع سنوات، عندما أطاح بالبشير.
وعلى الجهة المقابلة، هناك جبهة رفيقه في السلطة، حميدتي. طوال العام الماضي، أنشأ مسؤولون استخباراتيون مقربون من البرهان والقيادة العسكرية قنوات خلفيّة لرصد دوائر حميدتي المُقربة ومراقبة تحركاته واتصالاته السياسية داخليًا وخارجيًا، في محاولة لتحديد الشبكات التي تدعمه محليًا وخارجيًا، بهدف منعه من إحراز المزيد من التقدم، بحسب مصدر استخباراتي سوداني تحدث إلى «مدى مصر».
من جانبه، سعى حميدتي بنفس القدر للالتفاف على الجنرال.
أدت هذه الديناميكية إلى سياسة حافة الهاوية في السياسة السودانية، والتي عرقلت أي جهود حقيقية للمضي قدمًا.
كان هذا واضحًا لدبلوماسي أجنبي بارز مُطلع على الوضع السياسي في السودان، والذي أخبر «مدى مصر» في الشهر الذي تلا زيارة حميدتي لروسيا، أنه كان من الواضح أن انقلاب 25 أكتوبر «سوء تقدير كبير»، دفع الأمور نحو كارثة سياسية. الأكثر من هذا، أوضح الدبلوماسي أن هذا ليس رأي الجهات الأجنبية فحسب، بل كان رأي «كل من كان وراء الانقلاب وكل من سانده».
في أعقاب انقلاب 25 أكتوبر مباشرة، ركّز كل من البرهان وحميدتي على محاولة تشكيل حكومات انتقالية يمكن أن تضمن استمرار نفوذهما، وكان كلاهما يحاولان العمل مع داعمين أجانب.
جاء الدعم لحميدتي من الإمارات العربية المتحدة.
قام حميدتي وشقيقه، برفقة وفد من كبار المسؤولين، بزيارة غير مُعلنة إلى أبو ظبي في فبراير 2022 لإجراء ترتيبات من أجل تشكيل حكومة جديدة، من بينها خطط إماراتية تضع قائد قوات الدعم السريع في مقدمة المشهد، بحسب مصادر مُقربة من «الدعم السريع» وأخرى سياسية سودانية تحدثت إلى «مدى مصر».
كان موقف حاكم إقليم دارفور، مني مناوي، زعيم حركة جيش تحرير السودان الذي قاتل حكومة البشير، في ذلك الوقت من العوامل الحاسمة في خطة حميدتي المشتركة مع الإمارات.
أصبح حميدتي ومناوي، اللذان كانا أعداءً في الماضي، حلفاء مقربين سريعًا في أثناء مفاوضات سلام جوبا التي رعاها الرئيس التشادي السابق، إدريس ديبي، والتي قام فيها زعيم «الدعم السريع» بتمثيل الحكومة السودانية ولعب دور الوسيط لدمج المجموعات السودانية المسلحة.
وبحسب مصادر مختلفة مقربة من مناوي، زار مناوي أبو ظبي سرًا، منتصف فبراير، بعد أن غادرها حميدتي وشقيقه. أعلن مناوي، الخميس 24 فبراير، عودته إلى السودان بعد جولة أوروبية شملت ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا، لكن المصادر قالت إن مناوي توجه إلى أبو ظبي قبل السفر إلى ألمانيا ثم فرنسا، قبل أن يعود إلى الخرطوم.
بحسب مصادر مقربة من مناوي، وأخرى في دوائر صنع القرار في «الدعم السريع»، تركزت المناقشات في أبو ظبي على كيفية تقليص تأثير الشارع على السياسة السودانية. في غضون ذلك، ستعمل الإمارات على تحسين صورة حميدتي وتهيئته للترشح للرئاسة عند انتهاء الفترة الانتقالية، وهي خطوة لن تصبح ممكنة دون دعم وتمويل الحكم الإقليمي في دارفور، مُمثلًا في مناوي. بدوره، كان من المُقرر أن يتلقى مناوي دعمًا ماليًا سخيًا من الإمارات عبر مشاريع تنموية يمكن استخدامها لإقناع الناس في دارفور بالتصويت لصالح حميدتي. المصادر أوضحت أن إقليم دارفور، الذي يضم أكبر عدد من السكان في السودان، يمكن أن يمنح حميدتي فرصة الفوز بالانتخابات.
إلا أن الإمارات العربية المتحدة، بحسب المصادر، كانت ترى ضرورة مُلحة لتشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن. الإمارات «لا تريد فراغًا دستوريًا. قال الإماراتيون إنه يجب تشكيل مجلس وزراء بأي شكل في أقرب وقت ممكن، بينما يأتي ضمان فوز حميدتي في الانتخابات لاحقًا»، حسبما قال مصدر مقرب من قوات الدعم السريع.
تزامنت هذه المحادثات السريّة مع دعوة مناوي العلنية لضغط الفترة الانتقالية. «الفترة الانتقالية هي الفترة التي يجب تقصيرها ليتم التركيز في ترتيبات انتخابية عبر شراكة قوى سياسية ومدنية وعسكرية، دون إحداث أي خلل في المطالب والشعارات التاريخية تتمثل في الهامش والمركز مع إشراك اللاجئين والنازحين لضمان حقهم في إجراءات انتقالية»، بحسب تعبير مناوي على تويتر.
يرتكز الدعم الإماراتي لحميدتي ضد العنصر المدني والبرهان، بحسب مصدر من «الدعم السريع»، على التهديد الذي يمكن أن تشكّله حكومة مدنية على قدرة الإمارات على جلب مقاتلين سودانيين، والذين كانوا ضروريين لحرب الإمارات في اليمن وتدخلها في ليبيا.
لهذا السبب، كانت الإمارات مستعدة في حال اندلاع المواجهات بين البرهان وحميدتي، لدعم الأخير، بحسب المصادر المقربة من مناوي و«الدعم السريع».
مصدر سياسي إماراتي أكّد علاقات الدولة الخليجية بقائد قوات الدعم السريع، موضحًا لـ«مدى مصر» أن أبو ظبي حوّلت مئات الملايين من الدولارات إلى حميدتي لتأمين المصالح الإماراتية في السودان.
ومع ذلك، واجهت هذه الخطة عقبة كبيرة مع زيارة حميدتي المضطربة لروسيا واندلاع حرب أوكرانيا.
وفقًا لدبلوماسي غربي في الخرطوم، «أبلغت الولايات المتحدة الإمارات أن واشنطن قد تفرض عقوبات ضد حميدتي وكبار مساعديه إذا حاولت الإمارات دفعه للصعود».
انتظر البرهان حتى يتحقق هذا النوع من الرد السلبي على زيارة حميدتي إلى موسكو، ثم سافر إلى الإمارات في أوائل مارس في أول رحلة خارجية له منذ انقلاب 25 أكتوبر.
توجه رئيس الوزراء السوداني السابق، عبد الله حمدوك، إلى الإمارات في أثناء زيارة البرهان، حيث التقاه ومسؤولين إماراتيين، بحسب مصدر مُطلع على تفاصيل الاجتماع.
على مدار الأيام الأربعة، ناقش البرهان وحمدوك ومسؤولون إماراتيون، من بينهم حاكم الإمارات، محمد بن زايد، مطالب القوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، للحد من نفوذ حميدتي تدريجيًا بسبب الغضب من نشاطه السياسي، وتأثيره المالي، وتحركاته الدبلوماسية، بحسب مصدر أمني سوداني. ذكر المصدر أن هذا الغضب بلغ ذروته مع زيارة قائد قوات الدعم السريع لموسكو والتصريحات التي أدلى بها بعد الرحلة حول منح روسيا قاعدة عسكرية في شرق السودان.
أخبر بن زايد البرهان أنه من الضروري عودة حمدوك كرئيس للوزراء في أقرب وقت ممكن، وهو ما أظهر البرهان استعدادًا للموافقة عليه، وفقًا للمصدر.
لكن حمدوك طالب بتقليص نفوذ حميدتي قبل أن يفكر بجدية في العودة إلى رئاسة الوزراء، بما في ذلك إقالة قائد قوات الدعم السريع من اللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء.
وبحسب المصادر العسكرية السودانية، كان هناك اتفاق مُتبادل بين أبو ظبي، التي تعرضت لضغوط بسبب تبعات زيارة حميدتي إلى موسكو، والخرطوم، على الحد من نفوذ حميدتي، لكنهما اختلفا على الوسائل والتنفيذ. أراد كل من البرهان وحمدوك تكثيف الجهود للسيطرة على حميدتي، في حين نصحهم الإماراتيون بالصبر. وقالت مصادر لـ«مدى مصر»، إن هذا النهج الصبور كان مؤشرًا على أن خطط حميدتي-الإمارات لن تتوقف، حتى بعد التهديد الخطير الذي شكلته تحركات البرهان على هذه الخطط.
كان البرهان منفتحًا على عودة شريكه السابق في السلطة، لكن حمدوك طالب بتقليص نفوذ حميدتي قبل التفكير في العودة، ومن بينه إبعاده عن اللجنة الاقتصادية المسؤولة عن إدارة الأزمة الاقتصادية بالحكومة الانتقالية، والتي تشكلت من أعضاء في الحكومة ومجلس السيادة ويتزعمها حميدتي.
إلا أن حمدوك كان يواجه عقبات أخرى، أبرزها معارضة كبيرة من كبار الشخصيات في «مجلس السيادة»، والذي تشكّل عقب اتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير السوداني، وأشرف على المرحلة الانتقالية بعد الإطاحة بالبشير، وقيادة القوات المسلحة، وعلى رأسهم الفريق أول شمس الدين الكباشي، أحد أعضاء المجلس العسكري الانتقالي، بحسب المصدر الأمني.
أكدت عدة مصادر عسكرية سودانية على توتر العلاقات داخل القيادة العسكرية، وأخبروا «مدى مصر» أن الكباشي والفريق أول ياسر العطا، عضو مجلس السيادة السوداني، كانا يقاومان حميدتي وألقيا باللوم على البرهان في تزايد نفوذه. وأوضحت المصادر العسكرية لـ«مدى مصر»، أن قادة عسكريون كبار آخرين خارج المجلس، مثل رئيس أركان القوات المسلحة، محمد عثمان الحسين، وقائد القوات البرية، عصام الدين كرار، الذي أحاله البرهان لاحقًا للتقاعد، أبدوا معارضة شديدة لحميدتي.
برز تآكل مكانة البرهان في القيادة العسكرية بعد زيارة حميدتي لإثيوبيا في يناير 2022.
«تصاعد الخلاف بين حميدتي والعطا والكباشي عندما طُلب من حميدتي مطالبة الإثيوبيين بتأجيل التعبئة الثالثة لسد النهضة الإثيوبي الكبير»، يقول المصدر الأمني السوداني، «إلا أنه راوغ والتقى برئيس أركان القوات المسلحة الإثيوبية لمناقشة ملف منطقة الفشقة بناء على طلب الإماراتيين».
مثلت منطقة الفشقة موقعًا لنزاع حدودي محتدم طوال فترة طويلة بين إثيوبيا والسودان. يُعتبر جبل أبو طيور جزءًا من محلية الفشقة، وهي منطقة زراعية خصبة بطول 600 كيلومتر على طول الحدود السودانية الإثيوبية. وسمحت إثيوبيا للمزارعين الإثيوبيين بزراعة الأراضي السودانية على مدى عقود، في حين غض الرئيس السابق عمر البشير الطرف عن هذا التوغل الحدودي.
في أوائل نوفمبر 2020، نشر السودان قواته في الفشقة لإعادة تأكيد سيادته في المنطقة، مستغلًا تورط الحكومة الإثيوبية في الحرب الأهلية في تيجراي.
ووفقًا لمصادر مصرية وسودانية مُطلعة، تحدثت سابقًا لـ«مدى مصر»، قدمت مصر «مساعدات كبيرة» للسودان في معركة الفشقة. وقالت المصادر إن هذه المساعدة تضمنت معلومات استخباراتية ودعمًا لوجستيًا.
مصدر إثيوبي مُطلع على اجتماعات حميدتي مع المسؤولين الإثيوبيين أكّد أن قائد قوات الدعم السريع خرج عن النص في اجتماع يناير 2022، قائلًا إن الجانبين اتفقا على نزع سلاح مقاتلي التيجراي الذين لجأوا إلى السودان، وهم مقاتلون يعتقد الجانبان أنهم تلقوا مساعدة من مصر ومن الجيش السوداني. وفي المُقابل، قال المصدر، إن آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، وعد بدعم خطة حميدتي للإطاحة بالبرهان.
إلا أن مجلس السيادة في الخرطوم رفض بشدة المقترحات الإماراتية بالتعامل مع الوضع على الحدود، بحسب المصدر الأمني السوداني. «تسبب ذلك في اشتباك خطير بين حميدتي، والعطا والكباشي، اللذين تشاجرا لفظيًا مع حميدتي حتى تدخل البرهان وطلب منهما الاعتذار له، لكنهما لم يعتذرا».
وهكذا، كان البرهان قادرًا على إخماد طموح حميدتي، إلا أن معسكره لم يكن موحدًا، وشعر الإماراتيون بالرضا وهم يلعبون لعبة الانتظار.
في ظل حالة عدم الاستقرار تلك، لم يقبل حمدوك العودة إلى رئاسة الوزراء، وبدأت مواقف حميدتي ومناوي في الاختلاف بعدما مال موقف مناوي إلى معسكر القوات المسلحة. واستمر الركود السياسي، الذي كان سائدًا قبل اجتماعات أبو ظبي.
بالنظر من الخارج، أدركت القاهرة هشاشة موقف البرهان وأبدت تحفظًا بنفس القدر إزاء حميدتي، الذي وصفته المصادر الحكومية المصرية بـ«رجل الإمارات».
«مخاوف القاهرة تتزايد فيما يتعلق بالتطورات الحالية في السودان يومًا بعد يوم، ليس فقط لأن البرهان فشل في التوصل إلى اتفاق مع القوى السياسية بشأن حكومة توافقية، ولكن أيضًا لأنه حتى لم يكن قادرًا على تشكيل حكومة تكنوقراط قائمة على التوافق»، قال مسؤول مصري لـ«مدى مصر» في مارس 2022.
في تقدير القاهرة، كان البرهان يواجه تحديات كبيرة، لم يكن حميدتي هو مصدرها الوحيد. وبحسب المصدر، اعتبرت القاهرة أن البرهان أصبح ضعيفًا نسبيًا داخل دوائره، بما في ذلك دائرة كبار الضباط وفي الشارع السياسي. ظهر ذلك عندما تردد في استقبال وفد مصري علنًا، لعدم اقتناعه أن ذلك قد يساعده في استرضاء أي من هذين الجانبين.
أوضح هذا الموقف لمصر أنه «يتعين عليها قبول حقيقة أن الجيش لا يمكن أن يكون الحاكم الوحيد للسودان»، بحسب الدبلوماسي الأجنبي الذي يعمل في السودان والمُطلع على مجريات الأحداث، والذي تحدث إلى «مدى مصر» في مارس 2022. «قررت مصر أن البرهان يحتاج إلى قاعدة سياسية ليتمكن من المُضي قدمًا وتشكيل حكومة قبل أن يقع السودان في فوضى اقتصادية».
من أجل هذا الغرض، قررت مصر استضافة سلسلة من المحادثات السياسية مع قوى سودانية يمكن أن تعمل مع بعضها البعض بقدر ما تعمل مع البرهان، كما يقول الدبلوماسي.
في تلك المحادثات، «حاولت مصر وفشلت في إقناع القيادة السياسية المدنية بالموافقة على إطار عملي يمكن أن يمنحهم الجزء الأفضل من مطالبهم، بما في ذلك صياغة وثيقة دستورية جديدة واختيار رئيس الوزراء»، قال مسؤول مصري في مارس 2022. «الترتيب المُقترح كان سيُبقي البرهان شريكًا رئيسيًا، خصوصًا في الملفات الأمنية، واستمرار القوات المسلحة تحت إمرته. حققت بعض [هذه الاجتماعات] نجاحًا أكثر من غيرها، إلا أن الاجتماعات، والتي يمكن وصفها بالمثمرة، لم تكن حصينة. لا يزال هناك شك، وانعدام ثقة، أو في بعض الأحيان تجاهل من جانب بعض القيادات السياسية».
الشكوك التي واجهتها مصر من جانب البرهان والفاعلين السياسيين نسفت إلى حد كبير مساعيها لكسب النفوذ.
على الرغم من تسهيل أكثر من 20 اجتماعًا خلال العام الماضي، جمعت العديد من السياسيين السودانيين، لم تنجح مصر بعد في تحقيق هدفها المتمثل في خلق موطئ قدم قوي لنفسها داخل الحركة السياسية المدنية السودانية، وهي استراتيجية تم وضعها في محاولة لـ«إقامة تحالفات مع عناصر من المعارضة المدنية والجيش، لكنها فشلت حتى الآن في تحقيق ذلك»، قال مسؤول مصري ثانٍ لـ«مدى مصر» في نوفمبر 2022.
كانت هذه الاجتماعات الماراثونية، في نظر المصدر السياسي السوداني، محاولة لتصحيح الموقف المصري الذي اقتصر على الاهتمام بالأمن في السودان فقط منذ ثورة 2018 حتى انقلاب أكتوبر، وهو ما أثار الشكوك إزاء القاهرة.
في حين قال مسؤولون مصريون في وقت سابق لـ«مدى مصر» إن مصر كانت تضغط على العواصم الغربية لمنح البرهان فرصة لترسيخ موقفه، إلا أن المصدر السياسي السوداني يُسلط الضوء على افتقار مصر النسبي للنفوذ الذي يمكن أن تمنحه للبرهان في خضم أزمة سياسية.
«ليس لدى مصر ما تقدمه للسودان. سياسيًا، تبنت منذ عام 2013 دكتاتورية عسكرية تعارضها الثورة السودانية. الآن، تدرك مصر أنه ليس لديها أي قاعدة سياسية جادة تخدم مصالحها في السودان»، يقول المصدر، «تُلقي مصر باللوم على البرهان لإخفاقه في إدارة الأمور على النحو الأمثل، لكن في الواقع، لم يكن لدى البرهان وسيلة لفعل ذلك».
وهكذا، اعتبرت مصر سؤال الأمن أولوية وكانت على استعداد لمواصلة العمل بطريقة براجماتية لتحقيق هذه الغاية مع البرهان أو أي شخصية أخرى في القوات المسلحة السودانية، إلا أنه كان عليها أن تجد لنفسها قاعدة سياسية في السودان، في ضوء إخفاقاتها في كسب القبول لدى الحركة السياسة المدنية. وبالتالي، بدأت القاهرة في التركيز بشكل أكبر على فتح قنوات مع اللاعبين السياسيين القدامى الذين يمكنها التعامل معهم، ومن بينهم المايسترو الاستخباراتي في عهد البشير، صلاح قوش، وزعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي، محمد عثمان الميرغني، ورئيس الوزراء الأسبق والمقرب من البشير، بكري حسن صالح.
عاد قوش والميرغني إلى السودان من المنفى في مصر في نهاية 2022 وبداية 2023. عاد الميرغني علانية على متن طائرة مصرية، في حين عاد قوش بطريقة أكثر هدوءًا، بحسب مصادر أمنية وسياسية، أحدها مقرب من قوش. ولا يزال صالح قيد الاعتقال في السودان، إلا أنه يتمتع بنفوذ كبير داخل القيادة العسكرية السودانية.
كانت مصر تأمل في أن يصبح الميرغني بديلًا للإسلاميين الذين بدأ البرهان في استمالتهم في النصف الأخير من عام 2022، وإبرام صفقة مع قوش لتعزيز دور الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي تواجه ضغوطًا شديدة في الشارع، بحسب المصدر السياسي السوداني.
مع صالح، كانت مصر «تأمل في إنشاء مجموعة جديدة من التحالفات الموالية لمصر داخل المؤسسات السودانية لموازنة الزخم المؤيد للإمارات والمُناهض لمصر بقيادة حميدتي»، بحسب المصدر السياسي السوداني.
رغبت مصر في أن تكون هذه الشخصيات مفيدة في إنجاز العملية الانتقالية التي كانت مدفوعة بظهور اتفاق إطاري يؤدي إلى إعلان حكومة انتقالية جديدة.
الاتفاق، الذي وقعته القوات المسلحة السودانية وتحالف الجماعات المدنية بقيادة تحالف الحرية والتغيير في 5 ديسمبر الماضي، كان يمنح سلطات فعلية واسعة لحكومة مدنية -كان من المقرر تشكيلها بعد توقيع الاتفاق النهائي- من بينها السيطرة على جهاز المخابرات الرئيسي في البلاد، الذي كان اسمه «جهاز الأمن والمخابرات الوطني» وتغير إلى «جهاز المخابرات العامة»، وجهاز الشرطة. كما سيقتصر دور الجيش رسميًا بموجب بنود الاتفاق على مجلس للأمن والدفاع برئاسة رئيس الوزراء.
كانت السمة الرئيسية للاتفاق هي تسوية القضية المثيرة للجدل منذ فترة طويلة، والمُتمثلة في دمج قوات الدعم السريع في الجيش. لقد كانت المجموعة شبه العسكرية موجودة كهيئة أمنية موازية تتمتع بسلطة مالية وعسكرية واسعة غير خاضعة للرقابة، وتقاوم منذ فترة طويلة خضوعها لإشراف أكبر.
مع ذلك، كان الاتفاق بعيدًا كل البُعد عن الإجماع الوطني، إذ انتقدته جماعات مسلحة بارزة، ولجان المقاومة، وهي المنظمات الشعبية التي حشدت المعارضة الشعبية ضد الحكم العسكري في الشارع.
خرج آلاف المدنيين للتظاهر أمام القصر الرئاسي احتجاجًا على الاتفاق الإطاري في أثناء توقيعه، في تحدٍ له باعتباره امتدادًا للانقلاب. كما انتقد الفريق أول الكباشي الاتفاق علنًا، قائلًا إن القوى السياسية التي وقعت عليه ليست كافية لحل الأزمة السياسية، كما انتقد تهميش دور القوات المسلحة.
في تقدير المصدر الأمني السوداني، والذي تحدث إلى «مدى مصر» في ديسمبر الماضي، «كان الاتفاق الإطاري أفضل ما يمكن التوصل إليه في ذلك الوقت، إلا أنه واجه تحديات قد تقوّض الآمال المُعلقة عليه منذ البداية، خاصة وأن الأطراف نفسها تعاني من انقسامات داخلية تزداد يومًا بعد يوم».
وأضاف المصدر أن «القضايا الرئيسية التي كان ينبغي التعامل معها من خلال هذا الاتفاق تم تأجيلها إلى وقت لاحق، ولن يتم تنفيذ معظم القضايا المُدرجة في بنوده، وبنود أخرى يمكن إعادة التفاوض بشأنها لاحقًا».
ما يعنيه هذا من الناحية العملية، بحسب المصدر، هو أن جميع الأطراف التي انخرطت في عملية الاتفاق الإطاري، من البرهان إلى حميدتي إلى الفصائل المدنية، كانت في الأساس «تراهن» عليه كأداة لإضعاف خصومها، حتى لو لم يكن الاتفاق نفسه كافيًا لكل منهم.
على المستوى الإقليمي، كانت المملكة العربية السعودية الراعي الأكبر للاتفاق الإطاري، وأقنعت الإمارات بالتراجع بعد فشلها في رأب الصدع بين البرهان وحميدتي.
«بذل السعوديون، من خلال اتصالات مكثفة، جهودًا جبارة لإقناع جميع الأطراف الموقِعة على الاتفاق الإطاري، ومن بينهم البرهان، بجدواه، وطلبوا مساعدة الإماراتيين في إقناع حميدتي بقبول العملية الجديدة»، يقول المصدر الأمني.
ومع ذلك، وفقًا للعديد من المسؤولين المصريين ومصدر سياسي خليجي، لم تكن مصر راضية عن مكانة الجيش في الاتفاق الإطاري، واستغلت غموضه والاستياء تجاهه في محاولة للمضي قدمًا في خططها لإعادة الدخول إلى المجال السياسي السوداني.
وهكذا، في أوائل فبراير، بدأت مصر سلسلة من المشاورات السياسية مع 85 ممثلًا عن 35 حزبًا وحركة، فضلًا عن ممثلي منظمات المجتمع المدني في السودان المقربة من النظام السابق والقوات المسلحة، وشملت مناوي والميرغني، والتي شكّلت ما يُعرف بـ«الكتلة الديمقراطية».
كان تفكير القاهرة، بحسب المصدر الأمني السوداني، في أنها ستحقق مكاسب، سواء نجحت مبادرتها في استبدال الاتفاق الإطاري أو لا. وحتى لو لم تنجح جهودها، فمن خلال إنشاء كتلة سياسية مُنافسة، ستظهر مصر الحاجة إلى بدء المفاوضات مرة أخرى لصياغة اتفاق «أكثر شمولًا».
لكن بدا أن هذه الجهود تذهب سُدى، رغم أن «الكتلة الديمقراطية» اكتسبت ثقلًا، حين أعلن خالد عمر يوسف، المتحدث باسم العملية السياسية للاتفاق الإطاري، في منتصف مارس، أن أطرافًا عديدة وافقت على تشكيل حكومة انتقالية جديدة في 11 أبريل. بدا أن الاتفاق أصبح وشيكًا في 29 مارس، قبل تأجيل توقيعه إلى 6 أبريل بسبب الخلافات حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش.
خلال هذه الأسابيع، بدت أشباح الحرب في الظهور. دقّ مناوي، على الرغم من معارضته للاتفاق الإطاري، أجراس الإنذار في جميع خطاباته العلنية، محذرًا من احتمال اندلاع المواجهات.
ثم اندلعت المواجهات بالفعل. عندما جاء يوم 11 أبريل، وبدلًا من تشكيل حكومة انتقالية جديدة، انتشرت الأخبار عن نشر قوات الدعم السريع بالقرب من مطار مروي، على بعد 430 كيلومترًا شمال العاصمة. وبحسب مصدر عسكري تحدث لـ«مدى مصر» حينها، لم تستجب قوات الدعم السريع لمطالب قيادة المنطقة العسكرية في المدينة بالانسحاب، وتمركزت في مساحة خالية مجاورة للمطار.
بعد يومين، نشرت قوات الدعم السريع آلاف المركبات المدرعة في عدة مواقع في الخرطوم. ثم اندلع القتال بين الجانبين يوم السبت 15 أبريل.
بالنظر إلى المصالح الراسخة لمختلف الأطراف الإقليمية في الصراع، من الممكن أن يتطور القتال في السودان إلى معركة كاملة بالوكالة.
مصادر حكومية متعددة قالت لـ«مدى مصر» إن اعتقال 27 جنديًا مصريًا كانوا متمركزين مطار مروي -لإجراء تدريبات مشتركة- من قِبل قوات الدعم السريع بمجرد بدء القتال، كان أمرًا صاعقًا للمسؤولين المصريين. وبينما كان كبار المسؤولين حذرين من قبول الوساطة الإماراتية، وافقوا في النهاية على وساطة الإمارات لنقل الجنود إلى السفارة المصرية في الخرطوم.
«تقف الإمارات العربية المتحدة عقبة رئيسية أمام جميع الأعمال الدبلوماسية والأمنية التي تحاول مصر القيام بها. في النهاية، تعمل مصر على قضية السودان مدركة تمامًا أن الإمارات العربية المتحدة لن تتخلى عن مُخططها الاقتصادي الرئيسي للسيطرة على منطقة القرن الإفريقي بأكملها، سواء من أجل حصتها في تجارة الذهب أو للموانئ»، يقول مسؤول مصري آخر.
وفي حين أفادت عدة منافذ إعلامية كبيرة بتورط مصري في الضربات الجوية المستمرة في السودان، يُشكك باحث عسكري في الشؤون المصرية في حجم هذه المشاركة.
يشير الباحث إلى الفجوة بين القدرات المتواضعة للقوات الجوية السودانية مقابل نظيرتها المصرية، والتي يمكنها تنفيذ هجمات جوية واسعة على قدر كبير من الدقة لم تظهر خلال الاقتتال حتى الآن. «أولويات مصر الآن في السودان يبدو أنها تركز على احتواء المواقف وعودة مواطنيها، وهو موقف يفضّل مساعدة عسكرية غير مباشرة كي تتمكن القوات المسلحة السودانية من منع قوات الدعم السريع من السيطرة على مناطق استراتيجية أكثر من التدخل العنيف والذي قد يضعف موقف القاهرة ويسحبها إلى مستنقع»، يقول المصدر.
لكن الآن، بعد انتهاء لحظة المناورات السياسية في فترة ما بعد الانقلاب، يبدو أن صراعًا طويل الأمد قد بدأ، إذ لا يحرص الطرفان على التوصل إلى وقف حقيقي لإطلاق النار، حسبما أفادت عدة مصادر لـ«مدى مصر» في الأيام الأخيرة. يقول دبلوماسي عربي في نيويورك إنه «أصبح من المستحيل على البرهان وحميدتي التوصل إلى اتفاق. إنها الآن معركة صفرية مائة بالمائة. يجب هزيمة أحد الطرفين قبل أن تبدأ العملية السياسية». الأمر ذاته أشارت إليه مصادر عسكرية سودانية، والتي أكدت أنه لن يكون هناك أي مفاوضات مع حميدتي.