ربما ما لا يعرفه الكثيرون غير أولئك الذين كانوا يجوبون الطرقات والأزقة هرباً من بطش الأجهزة الأمنية ومطاردة السلطات، أن السبب الرئيس لسقوط الإنقاذ هو تقييد الحريات، فبمجرد أن يفكر السلطان في تقييد حريات الناس هنا تكون بداية النهاية، لأنه حق منحه المولى عز وجل ومنع مصادرته لمجرد رأي أو تجمع، عليه فإن التصريحات التي خرجت من رئيس مجلس السيادة بمحاولة الاتجاه لسن قانون يمنع التظاهرات، فهو بالتالي يكون قد وضع أولى خطوات السقوط.
(الصيحة) أجرت المواجهة التالية لمعرفة تداعيات تلك التصريحات..
القيادي بحزب المؤتمر السوداني مالك أبو الحسن لـ(الصيحة)
أي قانون لمنع التظاهرات فيه خطورة كبيرة تجاه حقوق الناس
*هل من الضروري سن قوانين تمنع التظاهرات؟
القانون الذي يتحدث عنه الناس هذه الأيام هون ليس برنامجاً لسن قانون، وإنما تصريحات قالها رئيس مجلس السيادة البرهان من خلال مؤتمر صحفي، ولكنها تشبه في تفاصيلها التجربة المصرية، وذات السيناريو الذي فعله السيسي في سن قانون يمنع التظاهرات خوفاً من الثورة المضادة.
*هذا يعني أن البرهان يُريد منع ما يُسمّى بالثورة المضادة إن وجدت؟
كل ما تمّ يدخل في إطار منع ما يسمى بالزحف الأخضر، ولكن ما أقوله إن مثل هذه القوانين إن تمت إجازتها فيها خطورة كبيرة، ففي الوقت الذي يحاول البعض منع حقوق الناس في الحريات ربما يكونوا هم الضحية ذاتها، فلا يمكن الدخول من باب التنظيم لسلب الحقوق.
*هل توافقون على هكذا قوانين أو تصريحات؟
أي قانون يسلب الحق هو مرفوض جملة وتفصيلاً، ولكن هناك ما يُعرف بتنظيم الحريات، فهناك قانون تنظيم مهنة الإعلام وقانون العمل، ولكن لا يمكن أن يصدر قانون كما كان في عهد النظام البائد يسلب الحقوق الدستورية، وما صرّح به البرهان خرج منه هو فقط، وليس من أي جهة أخرى.
*هذا يؤكد أن التصريح يعني الجانب العسكري في السيادي؟
فعلاً هو تعامل الجانب العسكري دائماً ما يلتف حول الحالات الأمنية ويجعلها سبباً لمصادرة الحقوق، ولكن نحن مع تنظيم تلك الحقوق، ولكنه حديث لم يخرج من القوى السياسية.
*ألا تقودنا تلك التصريحات إلى ما يسمى بتمكين جديد أو تكميم الأفواه؟
هو كذلك إذا سار بعيداً عما احتوته الوثيقة الدستورية.
*هل يمكننا القول بأنه خلاف غير مرئي داخل السيادي؟
هو خلاف منهجي، حيث أنه لم يُطرح على قوى إعلان الحرية والتغيير، وعلى المجلس السيادي أو مجلس الوزراء، فحيثيات هذا التصريح في الجانب المدني لديه منهجيات مختلفة، ومثل هذا التعامل هو الشيء الذي أخّر الناس كثيراً، لذلك يجب النظر لتلك المسائل من الناحية الدستورية سيما وأن الوثيقة الدستورية في جانب الحقوق الدستورية أوضحت كل تلك المطلوبات، لذلك هو خطأ منهجي.
*ولكن ما هي الضمانات التي تؤكد أن الأمر لم يطرح على قوى الحرية والتغيير؟
هنالك الكثير من المبادرات قام بها البعض بشأن هذه القوانين، ولكنها ليست لمصادرتها وإنما لحمايتها من الانتهاك والتعدي عليها حتى لا تتغوّل أي جهة ما عليها واستغلال تلك التظاهرات لصالحها، عليه فإن الحقوق هي ليست للمصادرة، ولا توجد أي جهة بإمكانها مصادرتها وسلبها، وإذا كانت هناك جهة فإنها تخطر فقط ليس لأن توافق أو ترفض.
///
رئيس حزب دولة القانون محمد علي الجزولي لـ(الصيحة)
إذا كانت قوانين تقييد الحريات لحماية النظام لِما سقط البشير
*تأثير إيقاف التظاهُرات على الحريات العامة؟
في تقديري التلويح بسن قانون لمنع التظاهرات هو على سبيل أن تطلع السطح وتأخذ معك السلم، لأن قوى إعلان الحرية والتغيير وصلت إلى ما هي عليه بفضل وعبر تلك التظاهرات، النظام السابق لديه قانون يمنع التظاهرات المادة 14/1 تتحدث عن التظاهرات والتصديق وتُقيّدها، فكانت التظاهُرت في ديسمبر تخرج بدون إذن فما الذي جعل حلال الأمس حرام اليوم؟
*ما هو الذي حدث برأيك حتى تحوّلت المبادئ؟
الذي حدث هو أن (قحت) تحوّلت من قوى تنشد الديمقراطية والتحوّل والعدالة إلى قوى مستبدة، لم يتغير شيء في المشهد، لذلك إن كان سن القوانين التي تُقيّد الحريات والمظاهرات تحمي النظام من السقوط لَحَمَت نظام البشير ونظام حسني مبارك ونظام القذافي، فعلى (قحت) أن تتعظ من هؤلاء الطغاة في تقييد حرية خصومهم، فماذا كانت نتيجة الأمر، النتيجة أنهم ذهبوا لمزبلة التاريخ وسقطوا سقوطاً مُروِّعاً وظلَّ الأحرار هم أحرار في السلطة ونقولها ستسقط (قحت) كما سقط البشير، فهذا السلوك الاستبدادي من مدرسة واحدة الذي لم ينفع البشير، ولذلك لن ينفع (قحت).
*إذا تم سن هكذا قانون فإنه يعم الجميع وبالتالي توقف التظاهرات التلقائية؟
(قحت) أخطأت، إذا وافقت أو سنّت هكذا قانون فلعمري أنها تحاول من خلال هذا الأمر تمرير ثلاثة أشياء أولها تمرير تقرير في فض الاعتصام لمؤسسات شاهد الناس بالصورة والصوت أنها شاركت في فض الاعتصام، الثاني تريد أن تمرر ما تم من تجاوز للجبهة الثورية في إعلانها للولاة وتكوينها للمجلس التشريعي والتي ربما تجعل بعض القوى الشعبية المنتمية للثورية لا سيما في الأقاليم تثور ضد قحت تريد تمرير رفع الدعم وتنفيذ روشتة البنك الدولي القاضي برفع الدعم عن المحروقات والمواد الغذائية، لذلك هي تريد أن تستبق هذه الكوارث الكبيرة بحجر الشارع وقمع الجميع، على لجان المقاومة ألا تفرح وتظن أن القانون ضد الزحف الأخضر فقط وإنما في مواجهة الأخضر والذين يستيقظون من غفلتهم ويعلمون أن (قحت) سرقت ثورتهم ويريدون استبداد هذه الثورة وستواجههم (قحت) بالرصاص.
*رفع السودان من قائمة الإرهاب واحدة من اشتراطاته إتاحة الحريات، تأثير ذلك على السودان؟
على المجتمع الدولي احترام المبادئ، وعلى الاتحاد الأوروبي كذلك احترام المبادئ، لأن شهود الاتحاد الأوروبي على الوثيقة الدستورية هي شهادة زور، لأن الدستورية قامت على قاعدة تنافي كل حقوق الإنسان، وهي قاعدة تمييزية نصت بأن مجلس الوزراء تسميه فقط (قحت) وأن التشريعي تكونه فقط (قحت) وأن التعديلات تجري بموافقة (قحت)، إذن هذه الوثيقة لم تقم على أساس المساواة في المواطنة، إذن هي ميزت مواطناً على آخر فهذه القاعدة التمييزية ضد حقوق الإنسان، عليه كيف يشهد المجتمع الدولي على وثيقة تناقض هذا العهد، هذا السلوك وحده من (قحت) يجب أن يكون من المدركين من المجتمع الدولي بأن (قحت) ناقضت كل الشعارات التي حشدت بها دعمهم ودولاراتهم .
*هل لديكم أي علاقة بالزحف الأخضر تجعلكم تناهضون القانون؟
نحن لسنا جزءاً من الزحف الأخضر وأن التظاهر السلمي لا أحد يستطيع إيقافه، وأن مثل هكذا تصريح هو باطل فـ”قحت” في الوثيقة الدستورية كفلت تلك الحريات، وقالت وفقاً للقانون بما يقتضيه المجتمع الديمقراطي، عليه فإن حل المؤتمر الوطني قانون باطل، وحل أي قوى سياسية أخرى باطل، لأنه سلوك غير دستوري، لأن الحقوق الدستورية فوق القانون، ولا أحد يُعطى سلطة تشريع مطلقة.