صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

قحت تحت عباءة معجا

11

بلا حدود

هنادي الصديق

قحت تحت عباءة معجا

أثار إنتباهي الخبر الذي إنتشر مؤخرا بتسمية ضيوف البلاد الذين تلقوا دعوة من قبل شركاء الحكومة الإنتقالية (قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي)، لحضور حفل توقيع الوثيقة الدستورية وإعلان بداية مرحلة جديدة في تاريخ السودان السياسي يوم 17 أغسطس الجاري.
الملفت أن القائمة حوت دعوة زعماء ثلاث دول عربية فقط هي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر، فقط لا أكثر ولا أقل، بجانب عدد من الدول الافريقية وممثلين بطبيعة الحال للأمم المتحدة ومفوضية الإتحاد الافريقي والإتحاد الأوربي.
إختيار ثلاث دول عربية فقط دون غيرها لحضور توقيع الوثيقة، يحمل إعترافا ضمنيا بدور هذا الثلاثي في الأحداث التي صاحبت الثورة السودانية، وله اليد الطولى في القتل وجميع أحداث العنف التي شهدتها فصول الثوة السودانية الاليمة ويؤكد أيضا وجود الجاسوس والسفاح طه عثمان في المشهد السياسي وبقوة باعتباره خادما مطيعا لدولتي الامارات والسعودية داخل السودان. وهنا تكمن المأساة.
حديث قيادات الحرية والتغيير عن تمسكهم بسيادة الدولة في الحكومة الإنتقالية القادمة، ورفضهم لتدخلات الدول في الشأن الداخلي، وبأنهم سيقفون على مسافة واحدة من جميع الدول بما يخدم مصالح الشعوب في الحكومة الانتقالية القادمة، وبعدهم عن سياسة التكتلات والمحاور، يبدو أنه حديثا للإستهلاك فقط وتخديرا للشعب خشية ثورته، والدليل إستمرارية (محور الشر) في إحكام سيطرته على مفاصل هذا الإتفاق، وهو ما يؤكد مخاوف الشعب بأن تكون بوصلة حكم السودان وريموته بأيديهم.
هذا الأمر يجب اللا يمر مرور الكرام، وعلى قوى الحرية والتغيير ان تعلم تماما أنها إن أرادت أن تدخل تحت عباءة المجلس العسكري، فعليها أن تحزم حقائب الرحيل مبكرا، وأن لا تنتظر من هذا الشعب الإستمرار في دعمها وتشكيل سند وغطاء جماهيري لها.
المثير جدا أن هذا الثلاثي وحسب الأخبار من مصادرها الموثوقة لن تحضر جميع قياداته، حيث سيحضر فقط الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بينما سيمثل زعماء السعودية والإمارات (وفد رفيع) لم يعلن عنه.
شخصيا لا أستبعد مثل هكذا تعالي وترفع من شيوخ وأمراء هذه الدول، والذين تعودوا على حج وهرولة قياداتنا السيادية لهم بمناسبة وبدون مناسبة، متناسين أن مثل هذا التعامل لا يخرج من إطار العبودية التي تمارسها هاتان الدولتان تجاه السودان بعد أن فشلت حواء السودان ومنذ زمن طويل عن إنجاب رئيس محترم يضع سيادة الدولة فوق الجميع، ويفرض هيبتها على الأعداء قبل الاصدقاء.
فهل علم المهرولون نحو السعودية والإمارات منذ سنوات وقبيل أشهر أن آخر زيارة لزعيم سعودي للسودان كانت من الملك فهد بن عبدالعزيز، وأن آخر زيارة لشيخ إماراتي للخرطوم كانت لشيخ زايد عليهما الرحمة، !!
لم يفعلها شيوخ وملوك هذه الدول منذ سنوات لأنهم يجدون رؤساء دولتنا يشعرون بالدونية تجاههم، ويتهافتون عليهم طلبا للدعم المادي والعسكري والدعم الشخصي والخاص جدا بكل أسف دون وضع إعتبار لمعنى سيادة الدولة وكرامة شعوبها، لذا ليس بمستبعد أن يمارس هؤلاء الامراء والشيوخ الإستعلاء على قياداتنا.
على قوى إعلان الحرية والتغيير أن تراجع موقفها مبكرا من هذا الامر لأن موقف المجلس العسكري معلوم سلفا ولا يحتاج لدلائل، بعد ان بادر قياداته بالذهاب سرا وجهرا للرياض ودبي دون إذن مسبق من شعب السودان.
معالجة الملفات للفترة الإنتقالية يجب ان يبدأ منذ توقيع الإتفاق، وكون ان تكون قوى إعلان الحرية والتغيير ممثلا للشعب السوداني امام العالم، فهذا لا يعطيها الحق في هضم حقوقه وتجاوز مطالبه وإهدار كرامته، ولابد من وقف ما يسمى بتحالفات ومحاور وصفقات تحت الطاولة.
دعوة جميع رؤساء الدول الافريقية والعربية وإلا فلا دعوات من الاساس.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد