ربما لايندهش أحد إذا عاد صباح اليوم التالي ووجد متجره محترقاً، وبدا مع أخريات كعصف مأكول!. وربما لا يستغرب أحد إن أخبروه بأن مسلسل الحرائق التهم اليوم بنوكاً، ومؤسسات مالية ضخمة.. لن يندهش أحد لأن عنصر الدهشة تبدد بكثرة التكرار وتشابه طريقة الاشتعال وفي التوقيت والظروف المحيطة وبالتوقعات.
تكرار مسلسل الحرائق جعل الناس يجتهدون في تفسير الظاهرة وتحديد أسبابها، فمنهم من يرى أن شيوع المعاملات الربوية وتفشيها في المجتمع هو سبب الحرائق بالأسواق، وهناك من يزعم أن الحكومة وراء الحرائق لإجبار الناس على إيداع أموالهم بالبنوك التي أصبحت خاوية على عروشها، وقد نفر منها العملاء كما يفر السليم من المجزوم..
وفي تقديري وأيّاً كان السبب، فأرى أنه يرجع للحكومة، فهي التي تتحمل مسؤولية ما حدث ويحدث..فإذا سلمنا بأن ما يحدث للمجتمع السوداني الآن من ضنك وشظف في العيش، وضائقة معيشية وغلاء لاتحده حدود ولا يحكمه منطق، وانهيار للعملة الوطنية وندرة قاتلة لأساسيات الحياة من دواء ووقود وخبز ونقود، وغاز طبخ، فإذا سلمنا بأن كل ما يحدث الآن مما ذكر هو حرب من الله على مجتمع تفشت فيه ظاهرة الربا على نطاق واسع ومخيف، ستظل الحكومة أيضاً المسؤول الأول عن تحويل المجتمع السوداني إلى مجتمع مرابي عوضاً عن الارتقاء به إلى مجتمع القيم والفضيلة والانضباط والعيش الكريم، وذلك لسببين رئيسين:
فأول من طرق باب الربا هو الحكومة، وطلبت الفتوى من علماء السلطان ليحلوا لها القروض الربوية لبناء السدود ومشروعات التنمية فأفتى علماء السلطان بجوازها لما أسموه وقتذاك )الضرورة، والاضطرار(.
ولذلك يتملكني يقين راسخ بأن مراباة الحكومة واستحلالها للربا على هذا النطاق الواسع وتكالبها على القروض الربوية، هو السبب الأوحد والمباشر في ما حدث ويحدث من أزمات وضائقات ونائبات وانعدام للسيولة واحتراق ما هو متواجد منها في الأسواق والمتاجر، ولا شك أن المعاملات الربوية التي استحلتها الحكومة هي التي أغرت المجتمع وزينت له أكل الربا.
وأما السبب الثاني، فإن الحكومة قادرة على محاربة الربا بالقانون، ولكنها تركت الحبل على الغارب ولم تفعل شيئاً ولم تطبق القانون على المرابين على النحو الذي يجب.. إذن في الحالين هي سبب فيما حدث. ألم أقل مراراً أن مشكلتنا فشل إداري، وسوء تدبير وقصر نظر..اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين..