(1)
اذا شاهدت محاكمة الرئيس المخلوع عمر البشير والتي بثتها بعض الفضائيات ، وتداولتها منصات مواقع التواصل في مطلع هذا الاسبوع ، سوف تكتشف كيف كانت تدار الدولة؟.
لو كانوا يديرون (كشك ليمون) لما اداروه بهذه الطريقة!!.
الدولة كانت تدار على طريقة (افلام المقاولات) في حقبة ثمانينات السينما المصرية ، عندما كانت تقدم افلام يونس شلبي وسعيد صالح بذات الطريقة التي نشاهد فيها الرئيس السابق وهو يقف داخل قفص الاتهام.
هل هذه هي الدولة ـ التى كان يحدثنا عنها اسحاق احمد فضل الله ، ويدافع عنها حتى وقتنا هذا الباشمهندس الطيب مصطفى.
وهل لهذا رقصت (الغزالة) على قبر الشهيد ، وفاحت رائحة المسك منه.
اتزوجونهم من حوريات الجنة قبل ان يجف دمهم ، ورئيس الدولة يمارس (السمسرة) مع شعبه.
هل هذا هو (المشروع الحضاري) ، الذي كنتم تفاخرون به ، وتناطحون عبره روسيا والولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا ،وتراهنون على (قد دنا عذابها)، والراعي لهذا الشعب كان يقبل اموال من جهات غير شرعية ويصرفها على جهات غير شرعية كما قالت المحكمة في اتهامه ، وفوق هذا فان رئيس الدولة الذي كان يطارد ويلاحق تجار العملة كان هو بنفسه يقوم باستبدال العملة الصعبة بالعملة السودانية لفائدة طارق سرالختم ، ويذهب ابعد من ذلك ولا يدري كيف واين ومتى صرف تلك الاموال؟.
أبعد هذا هل مازلتم تقولون بينكم (ما لدنيا قد عملنا).. وهل تحسبون ذلك لله …لا للسلطة ولا للجاه… وسبحانه تعالى طيب لا يقبل إلّا كل طيباً.
بربكم هل هذه هي الدولة التي قدمتم في سبيل مشروعها الحضاري خيرة شباب البلد (شهداء) ، اخرجتموهم من جامعاتهم ومدارسهم الثانوية وبيوتهم ليقاتلوا في جنوب السودان وهم في زهو الشباب ، تتدفق ملامحهم بالقوة والحماس والطموحات.
ابهذا كنتم تحكموننا (30) عاماً ؟– ونحن في غفلة من امرنا نتقلب ذات اليمين ونتقلب ذات الشمال مثل اهل الكهف.
اشهد ان (صحن البوش) ونحن طلاب في الجامعة لم نكن نعده بتلك الصورة!!.
(2)
قال البشير في جلسة محاكمته الثالثة انه لم يضع الاموال التي استلمها من ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في البنك المركزي السوداني ولم يسلمها لوزارة المالية ، لأن ولي العهد السعودي طلب منه ألا يذكر مصدر تلك الاموال ، ولا ادري كيف للبشير ان يذكره الآن – وكان امامه خيارات عديدة يمكن ان يرد اليها الاموال فهو كما قال انه لا يذكر اين صرف مليون دولار، كان يمكن ان يقول لا يدري من اين اتت له هذه الاموال؟ ،بما انه التزم للحكومة السعودية ألّا يأتي بسيرتها.
رفضت ان تذكر السعودية في موضع (فضل) وانت في (القصر) ، اتذكرها الآن وانت في (قفص الاتهام).
وكان يمكن للرئيس المخلوع ان يورّد تلك الاموال عبر القنوات الرسمية دون ان يذكر المصدر ويملك الرئيس وقتها ذلك الحق للضرورة الامنية او السياسية – وهل كانت هنالك جهة تملك ان تفاصل البشير عن مصدر تلك الاموال؟.
في محاكمته قال البشير انه دعم (قناة طيبة) لأنها قناة تدافع عن الشريعة الاسلامية – وكأن الشريعة الاسلامية السمحة تحتاج الى دفاع بهذه الصورة – لا يمكن ان تدافع عن فضيلة بالباطل او عبر طرق غير شرعية.
تلفزيون السودان كان احق بهذا الدعم الذي ذهب لقناة طيبة – التي لا يشعر بها احد ، والعاملون في تلفزيون السودان لهم حقوق مادية معطلة وقتها منذ اكثر من 6 اشهر.
اما حديثه عن دعم (جامعة افريقيا) ، لأنها وجه مشرق للسودان وتقوم بتخريج طلبة افارقة يصبحون من بعد وزراء وسفراء لدولهم ، حديث ينافي الواقع الذي كانت تعيش فيه (جامعة الخرطوم) وهي الجامعة الام التي ينعم بفضلها وخريجها العالم كله – جامعة الخرطوم لم تجد الدعم من النظام السابق الذي فكر في بيع اراضيها وترحيلها الى منطقة سوبا – في الوقت الذي كان يدعم فيه الرئيس المخلوع جامعة افريقيا.
هذه وقائع تؤكد ان دعم البشير حينها ذهب الى جهات لا تستحق ذلك ، وقد تم الامر بتقديرات شخصية وهوى حزبي مخل.
(3)
بِغم /
حسن اسماعيل الناطق الرسمي باسم النظام البائد ظهر امس يتحدث بلغة (مهذبة) ،و(هادية) ، اشبه بلغة عمر بن ابي ربيعة عندما يتحدث بلغته (الحالمة) في غزله الرفيع :
بَيْنَما يَذْكُرْنَني أَبْصَرْنَني دونَ قَيْدِ الميلِ يَعْدو بي الأَغَرْ
قالت الكبرى : أتعرفن الفتى ؟ قالت الوسطى : نعمْ، هذا عمر
قالت الصغرى ، وقد تيمتها: قد عرفناهُ، وهل يخفى القمر!
حسن اسماعيل تحدث عن معارضة راشدة ودعا لذلك بالحسنى – (معارضة رومانسية جداً) ، ولا ادري كيف يكون له ذلك؟ …وحسن اسماعيل عندما كان وزيراً للاعلام لم يكن يحكم بالحسنى.
أيستحمر كل هذا الشعب؟..لم تحكم بالحسنى وانت في السلطة هل تعارض بالحسنى الآن؟.
فاقد الشيء لا يعطيه!!.