سخر أحدهم من حال وزارة التربية وقال بأنّ التاريخ سيُدوِّن في صفحاته للأجيال القادمة حكاية وزير التربية محمد الأمين التوم ومدير إدارة المناهج القراي ويذكُر لهم بأنّهما دخلا منصبيهما وخرجا بعد عامٍ كامل لم ينتقل فيه تلميذ من صفٍ لآخر .
وبالرغم من ذلك كثُر تواجدهُما في المنابر الإعلامية وكثُرت طلتُهما في المؤتمرات الصحفية بمناسبةٍ أو بغيرها ، والنتيجة لا تحتاج مني عزيزي القارئ للكتابة عنها فقط انظروا لحال فلذات أكبادنا وقد سئموا حتى اللعب وباتوا يحلمون بيومٍ يعودون فيه لمدارسهم حتى لا يتبدد المخزون المعرفي الذي تحصّلوا عليه من ذاكرتهم ، ويدفعهم كذلك الشوق الشديد للقاء رفاقهم في المدارس وقد طال الأمد.
ناشدنا قبل أيام قلائل السيد الوزير بأن يُغادِر منصبه (طائعاً) قبل الرحيل القسري من وزارة نُعوّل عليها كثيراً في إحداث تغيير جذري لجيل جديد يحلم بوطنٍ خالٍ من العُقد والمرارات ويحلم بغدٍ لا يشبه يومه هذا ، ولن يتأتى هذا إن لم ينصلح حال التعليم.
المُرجح حسب الأخبار التي رشحت بأنّ وزارة التربية في التشكيلة القادمة من نصيب الحركات الموقعة على سلام جوبا ، وحتى إن كانت من نصيب الحُرية والتغيير التي دفعت بالوزير من قبل فإنّ الأمل ضعيف جداً في جلوسه على ذات المقعد مرة أخرى ، بالرغم من أنّ الرجُل حسب سيرته التي امتلأت بها الوسائط يحمل من المؤهلات ما يؤهله للعمل في أي مكانٍ آخر يستطيع أن يُبدع فيه غير وزارة التربية التي لم ينلها من مؤهلاته أي نصيب يُذكر.
لم يُحدثنا قط في مؤتمراته الصُحفية وطلّاته في الوسائط الإعلامية على كثرتها عن خُططٍ يحملها للنهوض بهذا القطاع المُهم ولم يُفصِّح لنا عن سياساته التي جاءنا بها للاستفادة منها ، فقط كانت لاثبات وجوده بيننا كوزير لوزارة موصدة الأبواب (أنا أتحدّث إذن أنا موجود) ، عام كامل بلا عمل سوى المؤتمرات ، مؤتمر صحفي يُعلِن فيه بداية العام الدراسي ويؤكد فيه بأنّه سيبدأ في موعده وما من مُعوقات تدعو للتأجيل ، ويعقبه آخر يُعلن فيه عن تأجيل الدراسة ويشكو فيه من عدم توفّر السيولة لديه لتسيير وزارته ولدفع فاتورة طباعة الكتاب المدرسي والذي لم يستطيع توفيره لا بالمنهج القديم الذي تركته الإنقاذ ولا بمنهج القراي الجديد المُختلف عليه وينسى بسرعة حديثه عن عدم وجود مُعوقات.
قبل أن يجمع حاجياته للرحيل (المؤكد) وقبل أن يصله رد حمدوك بخصوص القرار الذي أصدره والخاص بتجميد المناهج الجديدة خرج علينا البروف ببيانٍ غاضب ضمّنه انتقادات حادة للحكومة الانتقالية حمّلها فيه كل الاخفاقات ونسب لها الفشل في كل الملفات ، الواضح أنّ البروف قِنع من خيرٍ فيها وقد انطبق عليه القول ضربني وبكى سبقني اشتكي ، عليك يسهل وعلينا يمهِل تصحبك السلامة يا معاليك.