هاشتاق تصدر مواقع التواصل الاجتماعي أمس يطالب باقالة وزير الداخلية ومدير عام قوات الشرطة على خلفية الأحداث والتفلتات التي صاحبت احتفالات رأس السنة بالعاصمة الخرطوم، وأحداث نهب سوق الشهداء بأم درمان، المطالبة بالاقالة ساندتها صور وفيديوهات وثقت لعمليات تحرش على الفتيات وحالات نهب في الطرقات العامة، في وقت أكدت فيه الشرطة قدرتها على حماية المواطنين وممتلكاتهم وأعلنت تمسكها بحكاية الفترة الانتقالية دون وصاية من أحد على واجبها القومي في حماية الأمن الداخلي للبلاد.
ليلة رأس السنة الجديدة شهدت الخرطوم أحداث نهب وسلب وتحرش لم تشهده من قبل في جميع السنوات الماضية، هذا ما قاد بعض المحللين إلى إسناد حالات التفلت إلى عناصر خفية تتبع للنظام البائد لضرب الثورة وبالتالي القضاء على الحكومة المدنية، لكن هذه الإشارات لم يسندها دليل قاطع سوى إحداث مقارنات بين السنوات الماضية وهذه السنة، مع هجوم كثيف على قوات الشرطة والتشكيك في مهنيتها وذهب البعض إلى أن هناك اتجاها لإضراب بين أفرادها، لعدم تصديهم لحالات التحرش التي وقعت على الفتيات في أماكن متفرقة، فضلاً عن وقوع حالات نهب وتهشيم زجاج سيارات المواطنين في الطرقات العامة أمام مرأى سائقها ونهب هواتفهم ومقتنياتهم.
تحرش وشغب
صبيحة يوم أمس الأول خرجت الشرطة ببيان يؤكد سيطرتها على أحداث الشغب والتفلتات التي صاحبت الاحتفال برأس السنة وقالت إن قوات الشرطة ظلت تؤدي الدور المناط بها في حفظ أمن وطمأنينة المواطن وتحقيق القدر الأعلى من السلامة العامة ومنع التفلتات الأمنية والجنائية. وأضافت “استمرت احتفالات المواطنين برأس السنة الميلادية وعيد الاستقلال في مختلف محليات ولاية الخرطوم بصورة هادئة و تمكن المواطنون من ممارسة حقوقهم الاحتفائية عدا بعض الأعمال بساحة الحرية بالخرطوم حيث حاولت مجموعة من المتفلتين يحملون الأسلحة البيضاء التحرش والاعتداء على (5) من الفتيات في الناحية الغربية من الساحة أصيبت (3) منهن بجروح متفاوتة تصددت لهم الشرطة وعدد مقدر من المواطنين حيث تجمع عدد من المتفلتين وشرعوا في الاعتداء على قوات الشرطة، الأمر الذي كفل للشرطة التصدي لهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع”. وتابع البيان “إن الشرطة أسعفت المصابات إلى مستشفيات قريبة، وأشارت إلى أنها رصدت تفلتات منها الاعتداء على المواطنين بالمنطقة المحيطة بساحة الحرية وتم التعامل معها . وأكدت الشرطة على أن الاحتفالات بالميادين و الصالات والشوارع الرئيسية مضت بصورة جيدة عبر خلالها المواطنون باحتفالاتهم دون المساس بحقوق الآخرين حتى الساعات الأولى من الصباح .
أمبدة والشهداء
قبل أحداث رأس السنة قالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان يوم الأربعاء إن مسلحون يحملون، سواطير، و أسلحة بيضاء، هاجموا الأطباء والطبيبات والممرضين العاملين بكل من حوادث الجراحة والأطفال، بمستشفى أمبدة النموذجي. وأضافت أن الأطباء يعملون تحت ظروف أقل ما يقال عنها أنها مهددة لحياتهم والكوادر العاملة.
تناسلت الأحداث في اتجاه واحد كله يقع في خانة ضعف الشرطة وعدم قدرتها على حماية المواطنين، وفي وقت متزامن بدأ بحادثة نهب المواطنين بمنطقة الشهداء أم درمان رغم أن الشرطة وقتها أعلنت في ذات الليلة عن القبض على مجموعة فاقت ال75 متهما واستردت 19 هاتفاً لكن تتابع الأحداث لم يشفع لها أمام المواطنين الحانقين على أدائها.
غضب على الشرطة
موجة الهجوم على الشرطة قبل أن تهدأ قليلاً خرجت لجنة أطباء السودان المركزية يوم الثلاثاء الماضي ببيان تنعي فيه السيدة عزة يوسف ناسبة سبب وفاتها لتعرضها لعبوات الغاز المسيل للدموع التي أطلقتها قوات الشرطة لتفريق تجمعات أمام محكمة أم درمان عقب الحكم على المدانين بقتل الشهيد أحمد الخير، هذا البيات أجج الهجوم على الشرطة، لكن لجنة أطباء السودان المركزية نفسها سارعت ونفت موت السيدة بالغاز المسيل للدموع وقالت في بيان (إعتذار وتوضيح) نعلن وفاة المغفور لها بإذن الله عزة يوسف داخل مستشفى النيل الأزرق في وقت متزامن مع إطلاق الغاز المسيل للدموع على جموع الثوار، مما نتج عنه لبس في تحديد المسبب لوفاتها، ووفقاً لمستشفى النيل الأزرق فإن المرحومة قد أتت متوفية وقد قام الطبيب المناوب بتأكيد الوفاة فقط. يصعب في هذه الحالة تحديد سبب الوفاة بالصورة القاطعة لعدم وجود نتيجة تشريح مع التاريخ المرضي السالب للفقيدة.
وأضافت نعتذر عن اللبس الذي حدث ونؤكد أن العمل البشري يخضع للخطأ والصواب ونسعى دوماً للتحري الجيد والدقة في نقل الأخبار.
الغريب في الأمر أن الشرطة منذ أن أعلنت اللجنة وفاة السيدة بالغاز المسيل للدموع واتهمتها وحتى صدور بيان إعتذار في اليوم الثاني لم تصدر بياناً تنفي أو تؤكد فيه حالة الوفاة ما يشير إلى أنها ظلت تتعامل مع الأحداث بهدوء.
رد الاتهام
مدير الإدارة العامة للإعلام والعلاقات العامة بالشرطة اللواء د. “حسن حامد” فند الهجوم على الشرطة بالأرقام وقال في تصريح لـ(السوداني) إن الهجوم على جهاز الشرطة غير مبرر في هذا التوقيت الحرج وهي تقوم بمهامها ودورها على أكمل وجه، وذهب في حديثه إلى أن الشرطة تعاملت مع أحداث رأس السنة بحزم وفقاً للقانون وإلتزمت بقواعد فض الشغب، مضيفاً أن عشرة من أفرادها بينهم ضابط أصيبوا أثناء عملهم في حسم التفلتات، وأوقفت (127) متهماً بينهم (47) شاركوا في أحداث رأس السنة و(80) في أحداث نهب سوق الشهداء مشيراً إلى أنهم سيقدموا لمحاكمة.
وأكد “حامد” أن الشرطة قادرة على حماية المواطنين نافياً ما يدور عن تقاعسها عن حمايتهم بدعوى المدنية كما نسب إليها في حادثة مستشفى أمبدة، موضحاً أن من خاطب الأطباء بقوله (دي المدنية الدايرنها) ليس بشرطي بل هو ينتمي للتأمين الذاتي بالمستشفى.
وقال إن الشرطة جهاز قومي ينفذ القانون والتعليمات من السلطة السيادية والتنفيذية وفقا للقانون، مؤكداً أن الولاء لديها للوطن وهدفها حفظ أمن الوطن والمواطن، وتحقيق شعار الثورة (حرية سلام وعدالة)، لافتاً إلى أن وزير الداخلية الفريق أول الطريفي إدريس صاحب شخصية قيادية قوية يمتاز بكل مقومات كايزما القائد و بالحنكة والدراية والقدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة في التوقيت المناسب.
تهيئة نفسية
مصادر شرطية قالت لـ(السوداني) إن الشرطة وضعت خطة محكمة ونشرت قوة كبيرة في العاصمة لحماية المواطنين والأسر وتأمين الاحتفالات، مضيفاً أنها شاركت في التغطية بكل وحداتها ومكوناتها وتعاملت في حسم مثيري الشغب بهدوء تدربت عليه منذ فترة وتلقى أفرادها دورات تهيئة نفسية عالية في التعامل مع التجمعات، وتفادي حالات الاستفزاز التي يوجهها المتفلتون، مدللاً على ذلك بتوقيفها (80) متهماً في أحداث سوق الشهداء في غضون (17) دقيقة دون أن يشاهد المواطنون عمليات القبض.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من موقع صحيفة السوداني