يبحث قادة السلام عن مطِيَّة جيدة تخرجهم من الدائرة المغلقة التي وجدوا انفسهم بداخلها عندما ضلوا طريقهم على ظهر الانقلاب المرفوض محليا واقليميا ودوليا ، وهاهو يمر نصف عام دون ان تتحقق عُشر احلامهم ولا أحلام المواطنين هناك ، فالبحث عن مسوٌغ لمساندتهم الإنقلاب وخيانتهم لثورة ديسمبر المجيدة ولخيباتهم المتتالية ، فالبعض لا يفشل في الامتحان وحسب ولكنه قد يخطئ حتى في كتابة اسمه في المكان المخصص في ورقة الامتحان ، فقادة حركات الكفاح ، اكدوا انهم لا علاقة لهم بالسياسية وقراءة الواقع والمشهد السياسي فمشاركتهم في الحكم مع النظام الانقلابي كشفت عن معاناتهم من ضعف نظر سياسي جعلهم لايرون امامهم الا اتفاقية جوبا هذه الورقة التي ابتلت الآن بقبضة الانقلاب عليها وضاعت ملامح حروفها وتشوهت
وبالأمس صرح عضو مجلس السيادة الانقلابي مالك عقار، إن البداية الصحيحة للإصلاح في مقدمتها المصالحات وأكد عقار خلال مخاطبته بمدينة الروصيرص، الجلسة التي نظمتها حكومة إقليم النيل الأزرق، للالتزام بتنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان، أن مواقفهم السياسية مرتبطة بتنفيذه وسيعملون دائماً مع من ينفذ الاتفاق، ويقفون ضد من يعمل على إعاقته.
ولم يبقى الخطأ السياسي عند مالك عقار في أنه نسف مشواره بمشاركته في انقلاب ٢٥ اكتوبر ، لكن بهذا التصريح أكد الرجل انه لايهمه الوطن السودان ، وان ليس له هم إلا إتفاق جوبا إذا كيف يسمي نفسه رجل دولة
والسيد مالك عقار كالذي يفتي بما لا يفقه ويظل قصور النظر واضمحلال الأُفق السياسي وضحالته يطارده بسبب هذه التصريحات التي تؤكد بأن بعض عضوية المجلس الانقلابي وقادة إتفاقية جوبا للسلام ليسوا إلا رُواداً لفضاء الأحلام الوردية التي تغشي صحوهم ومنامهم ويتلبسهم الغرور و (الإغراء) وبأنهم جاءونا مبحرين بمركب سيدنا نوح هم و إزدواجية طرحهم وبؤس مبتغاهم خلعوا عباءة ورداء القومية وتلفحوا ثوب الحركية الضيق الذي قُد من دُبر وكشف عيوبهم وفقر الذين رسموا خطط الانقلاب ونفذوه ومن شاركوا في حكومته والسؤال الذي تسبقه الاجابات تعجباً هل ينتظر عقار من النظام الانقلابي تنفيذ اتفاقية جوبا ؟! فما تحتاجه الآن اتفاقية جوبا ليس تنفيذ وانما عملية انقاذ لكم وللاتفاقية، وهذا المنقذ لها ولكم لن يكون هذا النظام الانقلابي لانه يغرق الآن هو ومركبه ومن عليها ، فخسارتكم هي الشعب والمواطن الذي لفظكم في الخرطوم وفي مناطقكم ليس بسبب المشاركة لهذا النظام وعهده الكالح و المظلم وحكمه الظالم والجائر ، ولكن لتفكيركم السياسي المحدود أن تكونوا العربة التي يجرها هذا الحصان الأعمى ، هذا الانقلاب الذي سيكتب الاسماء على صفحات التاريخ لتقرأ في المستقبل بالمقلوب لأنها لن تكون مصدر فخر للاجيال القادمة ان كتبت بطريقة صحيحة ،
ولطالما ان الاستاذ مالك عقار هو مع من ينفذ الاتفاقية بحذافيرها أم آن له الأوان أن ينسحب فالانقلاب لم ينفذ الاتفاقية وعجز عن أهم بنودها المتعلقة بدمج القوات العسكرية فكل القضايا المالية والامنية والسياسية لن تستطيع الحكومة تنفيذها ، ماذا ينتظر عقار ، فالانقلاب عرقل اتفاقية جوبا وعرقل مسيرة التحول الديمقراطي، وعرقل السودان أجمع ، فرجل الدولة إن كان ينتمي لحزب وحركه ولا هم له الا حزبه وحركته ، اذا ما قيمة منصبه السيادي والقومي اليس من الرحمة وصب النعمة على المواطن أن يكون في دائرة نطاقه الضيق فماله بالمتسع وقومية المناصب ، ومالنا نحن به !!
طيف أخير : نحن لا ننتظر ممن لا يملك عِقال بعير ليقدمه لهذا البلد المُبتلي بعقوق بعض أبنائه وتسلقهم شجرة السياسة التي فقدت ظلها في غفلة من الزمن.