إبراهيم غندور، وزير خارجية النظام السابق، وأحد أبرز مساعدي المخلوع ونائبه في الحزب لفترة من الزمن، يطالب رئيس الوزراء؛ عبد الله حمدوك بمراجعة الأداء والتركيز على الأولويات وعلى رأسها إيقاف التدهور الاقتصادي والتوجه نحو الإنتاج، واستكمال مسيرة السلام وتحقيق الطمأنينة والأمن للمواطن.
غندور بكامل قواه العقلية بذل هذا النصح عبر صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي دون أن يطرف له جفن حياء. والمضحك المبكي أنَّ القضايا التي تحدث عنها وطالب الحكومة الانتقالية بمنحها الأولوية، هي تركة نظامه الفاشل الذي ملأ الأرض فساداً، وانتهى به الأمر إلى “تسول” الودائع من أمراء الخليج الذين يسبقهم غندور بسنوات ضوئية في السياسة والعمر.
جرأة غندور في بذل النصح للحكومة الانتقالية التي ورثت هذا الحمل الثقيل نتيجة فساد منظومة غندور بصراحة يحتاج لوقفة، يبدو أنَّ غندور لم يدرك بعد أن هناك ثورة في البلاد قامت في الأصل ضد غندور وإخوانه.
ويبدو أنَّ هناك حاجة مستمرة لتذكيرهم بأن ثورة ديسمبر المجيدة قامت لانتزاع الكرامة والحرية ووضع حد لبجاحة الحكام، وتبدو الحاجة أكبر لتذكيرهم بهذه التركة الثقيلة من الفشل والفساد الذي أوصل البلاد مرحلة الانهيار.
لو كان لغندور نصح كان أولى به المخلوع، بل كان أولى به نفسه فهو يتحمل مع إخوانه مسؤولية جر البلاد إلى هذا الحد من التدهور والتدني في كل شيء. لكنها الثورة، علَّمت غندور الجهر بالرأي والانتقاد وتنسم حرية التعبير التي صادرها منهم رئيسه.
لو كان هناك نصح أو درجة من الشجاعة يتحلَّى بها الرجل لوقف ضد ترشيح البشير الذي ومنذ إعلان نيته ذلك، تفجرت الأوضاع واتسعت دائرة السخط الشعبي ضد كل من يجلس في كرسي ضمن حاشية البشير. هذه الجرأة لو توفرت في ذلك الوقت لكفى غندور حزبه “شر” الثورة التي ينعمون بحرياتها الآن ولتمتعنا بحصافته في إدارة البلاد، وإيقاف التدهور الاقتصادي وطمأنينة المواطن.
لم أكن أتوقع أن يتجرأ غندور ويتحدث علانية بعد تسريبات قناة العربية، لكنه “عدم الحياء” الذي بات مرتبطاً بكثير من السياسيين الذين يتسيدون المشهد.
الذين في خانة غندور ليس مقامهم بذل النصح للحكومة في مواقع التواصل الاجتماعي، بل الاعتذار أولاً لهذا الشعب الذي ساموه العذاب.
التيار