صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

عبد الحي والوثيقة الدستورية

7

قولوا حسنا

محجوب عروة

عبد الحي والوثيقة الدستورية

نشرت إحدى الصحف يوم السبت الماضي حديثا للشيخ عبد الحي يوسف يدعو فيه الجماعات الإسلامية لإنكار ما تم في الوثيقة الدستورية بدعوى أنها أغفلت أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي ومحملا المجلس العسكري مسؤولية ذلك معتبرا أنه تسبب في ضياع الدين بالتوقيع على الوثيقة. وحسب ما ورد في الخبر أيضا قوله أن الوثيقتين السياسية والدستورية لا تمثلان الشعب السوداني بل تمثل تطلعات فصيل معين من أجل فرض إرادته وتمرير أجندته!!.
حقيقة، صُدِمتُ كما صُدِم كثيرون غيري من هذا التصريح الغريب للشيخ عبد الحي الذي يفترض أنه يخاطب المصلين من مختلف التوجهات، وكان الأوفق والأجدر به أن يكون فقيها حصيفا وحكيما بل يفترض فيه بحكم دراسته للشريعة وسيرة الرسول الخاتم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم أن يلم بمقاصد الدين بل السيرة النبوية قولا وتقريرا ومواقف استطاع بها أن يفتح القلوب قبل أن يفتح مكة.. ولا أذكِّر الشيخ بصلح الحديبية عندما جاء الرسول وصحبه لأداء العمرة في البيت الحرام والتي نزلت فيه سورة الفتح {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتَحًا مُبِينًا} فهل كان قبول الرسول لتلك الوثيقة التوافقية ورجوعه ليثرب ضياعا للدين وهو النبي لا كذب مرسل من عند الله سبحانه؟ وهل تتذكر يا شيخ عبد الحي ما دار بينه وبين سهيل بن عمرو موفد كفار قريش ليعقد معه اتفاقا وصلحا وهدنة؟ لقد وافق الرسول الكريم عندما رفض سهيل أن يكتب في صدرالوثيقة ما قال به النبي: بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل سأكتب باسمك اللهم، فوافق الرسول. وعندما قال الرسول هذا ما اتفق عليه محمد رسول الله وأهل قريش، قال المندوب بل سأكتب فقط هذا ما اتفق عليه سهيل ومحمد فلو اعترفت أنك رسول الله لاتبعتك! فلم يعترض الرسول وهو النبي الرسول لا كذب. هل فهمت المغزى ومقاصد الدين في مثل هذه المواقف التوافقية ياشيخ عبد الحي؟ وهل سمعت عن موقف توافقي للرسول عندما اختلف أهل قريش في رفع الحجر الأسود في مكانه فلما احتكموا إلى الرسول قام بوضع الحجر الأسود في قطعة قماش وطلب منهم جميعا أن يتشاركوا في رفعه ففعلوا ولم يقل الرسول أنهم كفار ثم قام الرسول بوضعه في مكانه. وهل سمعت حديثا للرسول عندما قال ما معناه انه لو عرض عليه أهل قريش وفيهم الكفار على مصالحة فلن يرفضها حقنا للدماء، والمواقف كثيرة، ثم يا شيخ عبد الحي –هداك الله– أن الذين وقَّعوا على الوثيقتين خاصة العسكريين ليسوا كفارا حتى تصفهم بأنهم أضاعوا الدين فأنت لست المفوض لتتحدث باسم الدين.. هذا الدين محفوظ بأمر ربنا ولا يجب أن يحتكره أو يتاجر أو يكذب به أحد {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينُِأَلَيْسَ الله بِأحْكَمِ الحَاكِمِينَ}.
ثم من أعطاك الحق وحدك لتتحدث باسم الشعب كله أو تقول هذا رأي الدين بل قل هذا رأيي وحدي فذلك اجتهاد يحق لكل مسلم أن يجتهد فيه طالما كان الأمر مصلحة مرسلة لحقن الدماء والتوافق على الحرية والسلام والعدالة التي كانت شعار الثورة.. ثم هل رأيت التأييد الشعبي الواسع والكاسح لهاتين الوثيقتين؟ نصيحتي لك لا تكن معوِّقا للتوافق الوطني وحقن الدماء والاستقرار والسلام مثل آخرين لهم أجندتهم الحزبية والجهوية الضيقة المؤذنة بالفوضى وبخراب العمران والبلاد.. سائلا لك التوفيق من الله..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد