منذ سقوط البشير وظهور أعضاء اللجنة الأمنية في المجلس العسكري الانتقالي، ومن أول تصريحات رسمية للمجلس والتي جاءت على لسان ناطقه الرسمي، كُتب هذا المجلس عند الرأي العام كذّاباً.
التصريحات تلو التصريحات والمجلس يزيد رصيده السالب لدى الرأي العام ويُثبت صورة لا تُراد للجيش أن تكون هكذا.
أمس الأول وفي هتافات مليونية 30 يونيو نال بعض أعضاء المجلس النصيب الأوفر من الهتافات المناوئة والتي وصفتهم بصفة واحدة لم تزد عليها “الكذب”.
منذ سقوط البشير تسمر المواطنون في البيوت أمام شاشات الفضائيات ووسائط الإعلام المختلفة لتلقي المعلومات وبدرجة ظنوا خيراً في المجلس العسكري إلا أن سرعان ما انقلب الأمر وتمدد الغضب والسخط ضد المجلس، بل وصل الأمر أبعد من ذلك، ظهر جلياً في هتافات مليونية 30 يونيو.
ما يجب الانتباه له، هو أن المجلس العسكري قدم صورة سالبة عن مؤسسة الجيش بغض النظر عما إن كان المجلس يمثل المؤسسة بالفعل أو لا يمثلها.
هذا المجلس الآن هو بالنسبة للمواطن يمثل واجهة القوات المسلحة التي لجأ إليها الشعب يوم 6 إبريل وأعاد لها مجدها المسلوب لسنوات.
اعتصام القيادة الذي انتهي بمجزرة تحت نظر القوات المسلحة نفسها لم يكن مجرد تجمع مواطنين طالبين حماية الجيش لهم وهذا دوره، اعتصام القيادة كان مثل رد الروح لمؤسسة سيادية تعرضت للتخريب، بل كادت تصبح نسيا منسيا.
المجلس العسكري بوضعه الحالي لا يكتفي فقط بالمراوغة من تسليم السلطة للمدنيين ولا يكتفي كذلك بإظهار الرغبة الأكيدة للعسكريين في خطف الثورة، هذا المجلس يجتهد في التأكيد يوماً بعد يوم على أنه لم تعد هناك مؤسسة جيش.
هذه الصورة التي يقدمها المجلس العسكري بإصرار وتأكيد تنسف ما تبقى من صورة الجيش المرسومة في ذهن المواطن، وفيما يبدو أن المجلس يريد أن يضع حداً فاصلاً وقاطعاً بين الشارع والجيش وهد ما بُني خلال شهرين من الاعتصام في محيط القيادة.
طبعاً من مصلحة المجلس العسكري المدعوم خليجياً أن تنتهي تماماً أية صورة إيجابية عن القوات المسلحة وهذا ما حدث فعلياً في بعض الدول في المنطقة والمدعومة من ذات المحور الخليجي.