في المؤتمر الصحفي الذي عقده عشية أمس الأول رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، سئل عن رأيه في قانون التحول الديمقراطي في السودان والمساءلة والشفافية المالية لعام 2020 الذي اجازه الكونغرس الامريكي في الثامن من الشهر الجاري، وبنود هذا القانون كما هو معروف تكرس لدعم المرحلة الانتقالية والتحول الديمقراطي في السودان، ومن أهم هذه البنود البند الذي يتعلق بأيلولة شركات واستثمارات القطاع الأمني للحكومة التنفيذية ووضعها حسبما يقضي الوضع الطبيعي تحت ولاية وزارة المالية المسؤولة عن المال العام، فيما عدا الصناعات الخاصة بالشأن الدفاعي والعسكري، وتضمن القانون سن عقوبات جزائية ضد من يرفض القرارات الصادرة بموجبه.. ردا على هذا السؤال قال حمدوك إن استثمار المؤسسة العسكرية في قطاع الإنتاج غير مقبول، منوهاً الى أن كل جيوش العالم لديها علاقة بالاستثمار لكن في المجالات الدفاعية، وأشار إلى أن هناك مقترحات عديدة للتعامل مع الوضع الحالي من بينها تحويل استثمارات المؤسسة العسكرية إلى شركات مساهمة عامة، لتدار باحترافية، مؤكدًا أن تنفيذ هذا الاقتراح ممكن، وأضاف: الشفافية أمر مطلوب في الشركات الحكومية، ولا يمكن إدارة موارد الشعب السوداني دون شفافية ومساءلة، كاشفًا عن مساعي لتحويل هذه الاستثمارات لشركات مساهمة عامة.. وقد صدق حمدوك فليس من المقبول ولا اللائق ان ينخرط الجيش وكل المؤسسات الامنية والعسكرية فيما أسميه تجارة أم دورور كما سنبين أدناه العلاقة بين ما يمارسه العسكريون من نشاط تجاري واقتصادي وتلك التجارة الشعبية الدائرية..
و(أم دورور) لمن لا يعرفها هي أسواق شعبية متنقلة لا يستقر لها قرار كل يوم في منطقة على مدار الأسبوع ولها شهرة وذيوع وانتشار خاصة في أرياف كردفان ودارفور، وفي هذه الأسواق التي لا يحكمها ضابط ولا تتحكم فيها محلية تجد أن كل شيء متاح ومباح حتى (المريسة) تحتل مكانها بين المعروضات، وتجد فيها من يجمع بين التجارة والصيدلة يبيع (الكول) و(المرس) جنباً الى جنب كبسولات المضادات الحيوية وراجمات الملاريا، وآخر يمارس الطبابة إلى جانب التشاشة فتجد عنده العقاقير البلدية من عروق وقرض وحرجل وخلافها وأكوام البصل والتوم والشمار وما شاكلها، وثالث يمزج بين عمل الحلوانية وتجارة السلاح، من أراد النبق والدوم والقضيم واللالوب يجد عنده ومن أراد الجبخانة فالمخلاية مليئة بأشكال وألوان منها، ورابع يزاوج بين العطارة والكيف تفوح من محله رائحة النشوق والتمباك وهي مختلطة بروائح فليردمور والريفدور و(ون مان شو)، وهكذا يختلط الحابل بالنابل والمنتهي الصلاحية بالساري المفعول في هذا السوق العجيب.. والآن وبعد أن وقفتم على حقيقة (أم دورور) تأملوا وقارنوا وجه الشبه بينها وبين تجارة الجيش، فالجيش وقوات الدعم السريع يمتلكان نحو 250 شركة، تعمل في مجالات مدنية حيوية مثل طحن الدقيق والتنقيب عن الذهب وتصنيع الأحذية والأدوات الكهربائية والمنزلية وتصدير اللحوم والصمغ العربي والسمسم وانشاء وادارة المستشفيات الخاصة وهلمجرا من استثمارات يزاحمون فيها القطاع الخاص بل ويضربونه بما ينالونه من امتيازات واعفاءات.. فما أشبه هذا بتلك.