في مخاطبته لاحدى الفعاليات القبائلية التي ينشط فيها، كشف نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو (حميدتي) عن اجتماع مغلق انعقد (راس براس) بينه ورئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان حول المضاربات في عملة الدولار، وقال دقلو في تلك الفعالية التي اختصت بتنصيب أمير قبائلي لاحدى بطون قبيلة الكواهلة الجمعة الماضية، إنه اتفق مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، على اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه مضاربات الدولار، مؤكدا أنهما (أي هو والبرهان) تعاهدا على تطبيق القانون حتي على أبنائهما..ولا أدري من سبب يجعل حميدتي يعقد اجتماعا سريا مغلقا مع البرهان حول شأن عام ويتعاهد فيه الاثنين على تطبيق القانون ولو على أبنائهما، وهل قال تطبيق القانون ولو على أبنائنا، نعم قالها هكذا ونقلت عنه حرفيا، فتطبيق القانون على الكل بلا استثناء من البدهيات التي لا تحتاج الى عقد اجتماع سري من وراء المؤسسات المعنية بتطبيق القانون، بل هي الأولى بعقد اجتماع معلن ومذاع معها، فمن يطبق القانون وقبل ذلك من يشرعه هو المؤسسات العدلية والقانونية، وليس حميدتي والبرهان، ثم لماذا يأتي حميدتي على ذكر ابنائه والبرهان ويقول أن تعاهدهما قضى بأن يطبق عليهم القانون أيضا اذا ضاربوا في الدولار أو خربوا الاقتصاد، وما علاقة ابنائهما بالمضاربة في الدولار هل هم ضالعين في تخريب الاقتصاد وكان القانون لا يطالهم، فالمعلوم بالضرورة أن القانون يطال الجميع، حتى البرهان وحميدتي وليس أبنائهما أو هذا ما يفترض، وقصة المرأة المخزومية التي سرقت معروفة وتقف كأقوى دليل على نزاهة القانون،
فقد كانت تلك المرأة السارقة من فخذ عريق من قريش، وأحزنت فعلتها أهلها، فطلبوا من أُسامة بن زيد، حبيب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ان يشفع لها عند النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض شفاعته، وقال كلمته التي أضحت شرعا وقانونا لكل العالم حتى يومنا هذا، (إنما أَهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)..
الشاهد في هذا الاجتماع السري المغلق الذي يقول حميدتي أنه عقده مع البرهان، يؤكد ما سبق أن اشرنا اليه واشار اليه آخرون كثيرون، ان البلاد اليوم تدار برأسين فقط بلا حكومة ولا مؤسسات، فصارت الدولة أشبه بالكنتين الذي يتشارك في رأسماله ويتناوب على ادارته حميدتي والبرهان، فيعقدان الاجتماعات السرية بشأنه ويقرران بشأنه، فحتى حكومة التكليف القائمة ومجلس السيادة المعين بواسطة الانقلاب لا يعدوان كونهما خيال مآتة، طالما يعقد حميدتي والبرهان اجتماعاتهما الثنائية السرية من وراء ظهرهما، وكأني بحميدتي في مقولته المفارقة اياها، يقول على طريقة الملك الفرنسي لويس الرابع عشر، (أنا والبرهان الدولة..والدولة أنا والبرهان)..