صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

سيرة صابر

11

لأجل كلمة

لينا يعقوب

سيرة صابر

وما منع الرضا بالقضاء والقدر، جموع الصحفيين أمس، من أن يبكوا “المتحري صابر”، الرجل الذي أكرمه الله بنعمة “محبة الناس”، وبروحٍ لطيفة وابتسامة جميلة، وبقلبٍ واسعٍ كبير..
لقد كان خبر رحيله موجعاً ومؤلماً بحق، ما تحدثت مع أحدٍ أمس إلا وأتى بسيرة “صابر”، مسترجعاً بحرقة آخر اللحظات التي جمعته معه..
صابر شمس الدين، كان اسماً لامعاً وعظيماً، ليس وسط زملائه في مهنة الشرطة أو النيابة حيث كان يعمل، أو وسط الصحفيين حيث كان يتعامل، إنما بين العامة أو أي شخصٍ التقاه، من البسطاء والمشاهير، من الفقراء والأغنياء.
بعبق العسكرية القديمة وبإخلاص العمل والتفاني فيه، حرص صابر على تحويل جلسات “التحقيق مع الصحافيين” إلى أنسٍ لطيف، ووقتٍ سعيد، كان أصيلاً في الكرم، متمرساً في إبعاد التوتر، مبتسماً على الدوام، مسهلاً وميسراً لا معسرا..
ظل حبه للصحفيين واضحاً لا يخفى على أحد، يحترمهم بلا استثناء، صغيرهم وكبيرهم، قادراً على قول الحق، لهم وعليهم.
بتمرسه الواسع، كان خبيراً في معرفة البلاغات، ما إذا كانت ستشطب في النيابة أم تتحول إلى المحكمة، يسعى إلى الصلح والتوفيق، قبل أن تتعقد القضايا، يبادر ويقترح على وجه السرعة.
لا أدري إن كان في زماننا هذا رجلٌ مثل صابر، لطيف في استدعاءاته وتحرياته، ودود راقٍ محترم في عمله، بشوش كريم صبور على الدوام.
التقيته قبل نحو شهر أمام )السوداني( بعد غيبة.. ناديته: “يا صابر جاي تخمش منو الليلة؟”، فضحك وقاله إنه سعيد لعدم تقييد بلاغات صحفية ضدنا، لكنه حزين لأننا لم نعد من المرتادين إلى نيابة الصحافة.
ظلت مجموعات الصحفيين منذ أمس، تتحدث عن مكارم أخلاقه، وطيب معشره، كانوا يريدون رد الوفاء بالوفاء، والمحبة بأكثر منها..
شرعوا في إظهار ذلك بوسائل شتى، ولعمر ما رأيت إجماعهم على من هو خارج وسطهم كما رأيت مع “صابر”.
ستغيب تلك الابتسامة الصافية، والوجه الطلق، والضمير اليقظ، والقلب النقي، واللسان الذي يُضحِك الآخرين، والروح العذبة التي تنتشر في المكان وتبقى.
سيغيب ذلك الخط الجميل، وستختفي تلك الوعود المطمئنة.
سلامٌ على روحك يا صابر.. فقد تأكدنا أمس، أنه لا أثمن للإنسان من سيرةٍ عطرة تبقى، ودعاء خالص متواصل لك بالرحمة والمغفرة والعتق من النار.
اللهم إن صابر بين يديك، فوسع نزله ومرقده واشمله بعفوك ورضاك ومغفرتك.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد