كنت أظن أن قيادة الجيش الانقلابية تعيش حالة الندم او الأسف على ماوصلت اليه البلاد من حالة سوء تسر العدو ولا تعجب الصديق، بعد أن زرعت هذه المجموعة العسكرية بذرة الضياع منذ اعلانها لهذا الإنقلاب (الأرعن) وحتى الآن بعد أن حصدت الفشل، وتساقطت الأوراق، وجف الزرع والضرع ، وقضى الانقلاب على (الأخضر واليابس)، كنت أظنها تحمل عقلية تجعلها تفكر ولو مرة واحدة أن كيف تخرج هذه البلاد من (ورطتها) وتبحث عن حلول عاجلة تنتشل بها هذا الوطن من هوة الدمار والضياع.
لكن أدركت ان هذه القيادة ، لا تملك ذرة من الشعور بالندم على مافات ، بل أنها مازالت تبحث على طرق أخرى تعمق بها جراحات الوطن من جديد.
فما قاله العقيد ابراهيم الحوري، كشف عن سطحية وضحالة العقلية العسكرية عند بعض المنتمين لهذه المؤسسة التي لا ترى في الحل والاصلاح إلا التعامل بأداتين لا ثالث لهما أداة التهديد والوعيد واداة السلاح.
هذا كل ماتملكه من قوة، فالرجل يقول إن الجيش لديه ساعة صفر يحتفظ من خلالها بالقرارات التي تلبي أشواق وطموحات السودانيين التي تتوق لحكومة وطنية بفترة انتقالية تمهد لانتخابات يقول فيها الشعب كلمته وأن ساعة الصفر تعبر عن قرارات لا تنقصها الجرأة أو الحكمة المعمول بها في منهج الجيش الذي ما زال ينتظر أن تعود الأحزاب لرشدها وتعلن توحدها وتقدم ما هو ملموس وعملي في مستقبل حكم السودان.
وماقاله ابراهيم الحوري هو تصريح انفعالي لا يليق بمؤسسة عسكرية تحترم شعبها ولا يعبر عن ان الجيش يملك الجرأة كما تحدث العقيد بل العكس هو تصريح يؤكد ان المؤسسة العسكرية لم يتبق لها إلا خطاب التهديد والوعيد، وهذا أسلوب عجز وضعف وليس دليل قوة ، فالجيش الذي يتحدث عن ساعة الصفر ويعلن عنها للعامة ويجعلها حديث اعلامي يتداوله الناس هذا لن يقدم على الساعة صفر ولا الساعة مائة، فمنذ متى تعلن الجيوش عن ساعتها الصفر في الصحف !!
فالعقيد الحوري تصريحاته تخصم كثيراً من سمعة المؤسسة العسكرية فإن اصبحت المؤسسة العسكرية لا تملك إلا مثل هذه التهديدات وقوتها و(حيلها كله) هو مايصرح به العقيد الحوري الذي يبرز عضلاته ليناطح الهواء فعلى السودان ومؤسسته العسكرية السلام ، فساعة الصفر الاولى ماذا حقق فيها العسكر للسودان سوى انقلاب صفري !!
وغريب ان العقيد يطالب الاحزاب السياسية أن تعود لرشدها ، وكأنما الاحزاب هي التي قامت بانقلاب على السلطة ، فالذي فقد رشده وتهور وطغى وتجبر هو قائد الجيش، ولكن لن يجرؤ العقيد على أن يكتب في صحيفته، مقالاً يطالب فيه البرهان بأن يعود الى رشده، لن يكتب الحوري عن الجرائم التي ارتكبت في الشارع السوداني، وعن التي قبلها وبعدها من التي ارتكبت في دارفور ، لم ير الحوري دماء الشباب على شارع القصر بالقرب من مقر صحيفته، هو فقط يرى قائدا يجب عليه ان يقدم له الولاء والطاعة حتى ان كان ظالماً وحاكماً فاشلاً المهم ان يدافع عنه زيفاً ويركن له نفاقاً ليحافظ على رتبته العسكرية، فالتاريخ لن يرحم الحوري وكل من اختار ان يصمت عن قول الحق في زمن خيمت فيه سحب الباطل وكثرت فيه مخافة الناس من الناس وليس من ربهم.
اما الشعب السوداني الذي فقد فلذات أكباده ويعيش حالة من السلب والنهب والسرقة لثرواته وتحيط اللصوص والعصابات بمنازله ، ويخشى الناس في وطنهم الخروج ليلا في الوقت الذي تزهق أرواحهم بسبب (سرقة هاتف) نهاراً ماذا تبقى لهم من الخوف والرعب والمعاناة ، حتى يخشوا من مثل هكذا تصريحات ، فالشاة لا يهمها (السلخ بعد الذبح).
ولكن حتى تعودوا أنتم لرشدكم ربما تكون النهايات الخاتمة لكل البدايات التي لم تحسنوا فيها التصرف عندما وضعكم قانون القوة والسلاح على رأس هرم القيادة، فساعة الصفر هذه المرة ربما تكون قراراً ليس بيدكم، قرار من الشعب الى القيادة، الشعب الذي لا يحتاج الى الحكمة والجرأة لأنه يمتلكها ياسعادتك !!