وسط ترحيب من قبل الحكومة السودانية، يصل الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، البلاد الخميس المقبل، في زيارة تستغرق يومين، على رأس وفد رفيع المستوى يضم 70 شخصاً، إذ تعتبر الزيارة الأولى من نوعها لرئيس ألماني للسودان لأكثر من (35) عاماً، كما إنها تأتي في توقيت مهم عقب تغييرات كثيرة تشهدها الساحة السياسية في السودان، في ظل حكومة جديدة جاءت بعد اندلاع الثورة السودانية التي احتفى بها العالم بما فيه ألمانيا، وبحسب كثير من المراقبين أن الزيارة تعد انفتاحاً في علاقات البلدين، كما تعبّر الزيارة عن اهتمام ألمانيا بتطورات الأوضاع في السودان ودعمها السياسي، خاصة وأن وزير خارجيتها أول وزير خارجية أوروبي يزور السودان بعد الثورة.
لكن إذا بحثنا في علاقات البلدين، نجد أن العلاقات بينهما لم تنقطع طيلة الفترة الماضية على المستوى السياسي والاقتصادي، بل هي الأفضل مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، وظلت ألمانيا تدعم السودان في كثير من القضايا السياسية على رأسها عملية السلام في السودان، واستضافت عدداً من جولات التفاوض غير المباشر بين الحكومة السابقة والحركات المسلحة خاصة حركات دارفور لتقريب وجهات النظر بين الأطراف، كما لم تتوقف عن دعمها السياسي له خاصة في المحافل الدولية، كما زار عدد من المسؤولين السودانيين قبل سقوط النظام ألمانيا، وكذلك شهد السودان زيارات لمسؤولين ألمان أبرزها زيارة وزير الخارجية الألماني قبل انفصال الجنوب .
أما الزيارة المرتقبة للرئيس الألماني، اعتبرها مراقبون تتويجاً للجهود الألمانية لدعم عملية الانتقال بالسودان إلى نظام ديمقراطي مستدام، وتمثل قمة التطور في علاقات البلدين، وتميزاً ليس في علاقات السودان وألمانيا فقط، بل في تاريخ العلاقات الخارجية للسودان .
وبحسب وكالات الأنباء السودانية (سونا) قال مدير الإدارة الأوروبية بوزارة الخارجية السودانية، السفير محمد الغزالي، إن الرئيس الألماني والوفد المرافق له الذي يضم 70 شخصية، سيناقش مع المسؤولين السودانيين العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد قرار البرلمان الألماني رفع الحظر التنموي عن السودان.
وأوضح أن الوفد المرافق للرئيس الالماني، يضم كبار المسؤولين الحكوميين وعدداً من البرلمانيين والصحفيين، واضاف انه سيلتقي رئيس المجلس السيادي، عبدالفتاح البرهان، ورئيس الوزراء، عبدالله حمدوك.
وأكد مدير الادارة الأوروبية، أن زيارة الرئيس الألماني المرتقبة للخرطوم ستمثل «انفتاحاً كبيراً في العلاقات بين السودان وألمانيا، وتتويجاً للتعاطي الألماني مع السودان في فترة ما بعد ثورة ديسمبر المجيدة».
وسبقت زيارة الرئيس الالماني للسودان من الجانب السوداني، زيارة رئيس الوزراء، عبدالله حمدوك، الى ميونخ، للمشاركة في مؤتمر (ميونخ للامن) والتقى خلال مشاركته في المؤتمر المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والتي اعلنت خلال اللقاء دعم ألمانيا للسودان، واكدت ان بلادها ترغب في أن تكون شريكة له .
كما وصل وزير التعاون الاقتصادي والتنموي الألماني، جيرد مولر، إلى السودان، والتقى كبار المسؤولين. وأعقبت زيارته اعلان البرلمان الالماني عن رفع العقوبات عن السودان واستئناف العلاقات الاقتصادية والتنموية مع السودان، بعد ان تم ايقافه منذ 1988، وظلت ألمانيا تقدم عوناً إنسانياً في بعض المناطق المتأثرة بالحرب خاصة دارفور، كما تشارك بمكون شرطي في بعثة «اليوناميد».
ووجد القرار ترحيباً من الحكومة السودانية، واعتبرت وزارة الخارجية في بيان صحفي، أن القرار «يأتي في إطار الانخراط الألماني تجاه السودان منذ نجاح الثورة»، مشيرة إلى أن الحكومة الألمانية كانت قد أوفدت عدداً من الوفود الرسمية والفنية إلى السودان «لدعم متطلبات المرحلة بناءً على الأولويات التي طرحتها الحكومة الانتقالية» وأكد البيان التزام الحكومة بالانتقال من مرحلة العون الإنساني إلى خلق شراكات استراتيجية تنموية مستدامة، ترتكز على أسس التنمية الشاملة بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين بما يدعم الاقتصاد القومي.
في الأثناء يرى مراقبون ان التغيير السياسي الذي حدث في السودان بعد الثورة، شجع الحكومة الألمانية على إعادة النظر في قرار البرلمان السابق بشأن وقف العون التنموي، وحظيت الخُطوة بإجماع من الأحزاب المشاركة في تكوين الحكومة داخل البرلمان، على رأسها الحزب المسيحي الديمقراطي، والاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخُضر.
وعلمت (الانتباهة) أن ألمانيا، بصدد تقوية تعاطيها تجاه عملية السلام في السودان،
وقالت مصادر إن ألمانيا من واقع دعمها السابق لمفاوضات السلام واستضافتها لعدد من الاجتماعات واللقاءات لتقريب وجهات النظر بين الجهات الرسمية والحركات المسلحة، قررت دعم عملية السلام والتفاوض في جوبا بصفة مراقب، وأضاف أنها ستُرفّع من جهودها لتسريع عملية السلام من خلال الآلية الأفريقية وجهود منظمة «الإيقاد».
واستبق وزير التعاون الاقتصادي والتنموي الألماني، جيرد مولر، زيارة الرئيس الالماني للسودان، التي تأتي في اطار جولة أفريقية بتصريحات صحفية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أمس الاحد وقال « في اعتقاده بأن السودان بحاجة لمساعدات دولية على الفور، في طريقه نحو الديمقراطية» ، واضاف «يجب ألا يتم تضييع أي وقت».
وأكد الوزير استعداد بلاده للبدء على الفور ، وأشار إلى برنامج «80 مليون يورو» من ألمانيا، وأوضح أن النقاط المحورية للبرنامج هي ضخ استثمارات في التدريب والزراعة والطاقة وكذلك دعم الشباب والنساء.