تداولت الميديا صور للسيد محمد دحلان برفقة رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد، ويعرف السيد دحلان بأنه يعمل مستشاراً لدولة الامارات ، وهو قيادي فلسطيني عمل رئيساً لجهاز الامن الوقائي الفلسطيني ، وعضوا في اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية ،فصل من جميع مناصبه بما فيها عضوية حركة فتح ، واتهم بالفساد ، وعرف بانتقاداته العلنية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ، السودانيون تساءلوا عن سبب وجوده في اثيوبيا في وقت شهدت فيه الحدود السودانية الاثيوبية مناوشات وتحشيدات اثيوبية بعد استعادة الجيش للاراضي السودانية في الفشقة ، دحلان زار السودان عدة مرات وعقد اجتماعات مع مسؤولين وسياسيين سودانيين، ويقال انه يتبنى وجهة النظر الاماراتية بحكم وظيفته وعلاقاته بشخصيات سودانية بارزة ، بعضها خارج السودان لاسباب معروفة وليس حصرا منهم الفريق طه عثمان رئيس مكاتب رئيس الجمهورية المعزول ، واللواء عبد الغفار الشريف، ويسود اعتقاد على نطاق واسع ، ان طه وعبد الغفار، من المؤثرين في المشهد السوداني عبر علاقات تربطهما بقيادات نافذة وتشغل مواقع مهمة في السلطة الانتقالية ، وبينما لا يعرف الوضع القانوني للفريق طه الذي يعمل مستشاراً في الديوان الملكي السعودي ، فان الشريف حوكم بالسجن سبع سنوات وبالغرامة في ظل النظام السابق، وكانت المحكمة الإجازية حكمت على الشريف في تهمة استغلال النفوذ المادة (59) بالسجن سبع سنوات، وفي تهمة السلوك غير اللائق المادة (71) بالغرامة (7.4) مليون جنيهاً و(65) ألف دولار، في ذلك الوقت راجت انباء بموافقة رئيس النظام المعزول عمر البشير على اعتقال عبد الغفار الشريف لتسببه في إلقاء القبض على أيمن المأمون في دولة الإمارات.
هناك ما يبعث على الاعتقاد بأن هناك خيوط تربط بين الثلاثة وبين نافذين حكوميين ، ومعلومات وربما تحليلات تذهب الى ان لهم دوراً في ترتيب الاوضاع في السودان باشراف من الامارات ، لكن الاكثر استفزازاً لمشاعر السودانيين هوالترويج لصور جمعت بين دحلان ورئيس الوزراء الاثيوبي في مناطق يعتقد انها الحدود السودانية الاثيوبية ، وليس سراً ان الامارات كانت قد ساندت اثيوبيا في حربها ضد اقليم تقراي ،وانها اقنعت ارتريا بمساندة الجيش الفدرالي الاثيوبي عسكرياً.
السودان كان من الدول التي دفعت بقوات سودانية لمساندة التحالف العربي في حرب اليمن ، وهو تحالف تقوده السعودية والامارات لاستعادة الشرعية في اليمن من الحوثيين، بل ربما يكون السودان الدولة الوحيدة التي دفعت بقوات كبيرة من المشاة وقدمت شهداء وجرحى، وقاتلت في الخطوط الامامية في الحد الجنوبي وميدي وعدن، والسودان ساند حق الامارات في استعادة الجزر العربية ( طنب الكبرى ، طنب الصغرى وابوموسى)، وعليه كان مستغرباً ان يقف المستشار دحلان الى جانب ابي احمد في صورة تعتبر رسالة مقصودة ، ولم يكن متوقعاً ان تتحدث الامارات عن ضبط النفس وتتقدم بوساطة بين السودان واثيوبيا ، فالسودان لم يكن وسيطاً في حرب اليمن، بل دفع بقواته الى قلب المعركة.
الرأي العام السوداني ، والشعب السوداني ، يتطلع الى موقف واضح من الامارات بمساندة حقه في سيادته على اراضيه وفقاً للقانون الدولي ، ولميثاق الجامعة العربية ، واعلان الاتحاد الافريقي والزامه للدول الافريقية بالالتزام بالحدود الموروثة وعدم السعي لتغييرها او تعديلها ، وهو في حالة اثيوبيا يعني الالتزام باتفاقية 1902م ، السودان كرر موقفه بأنه لا يريد حرباً مع الجارة اثيوبيا ،ولن يدخل الى الاراضي الاثيوبية، الجيش السوداني فقط بسط سيطرته على الاراضي السودانية وفقاً لاتفاقية ترسيم الحدود ،بعد اعتداءات متكررة راح ضحيتها ضباط وجنود ومدنيون ، والسودان يتطلع الى موقف معلن من مصر ومن السعودية ، بمساندته ودعمه للحفاظ على أرضه وسيادته ، كما يتطلع الى مواقف مساندة من الدول العربية والافريقية.
الحرب ليست نزهة ، والدولتان الجارتان ومواردهما المحدودة ، في غنى عنها ، والصلح خير ، اذا التزمت اثيوبيا بالقانون الدولي ، وميثاق الاتحاد الافريقي وبعلاقات حسن الجوار ، والى ان يحدث ذلك ، فيحق للسودان سحب قواته المرابطة في اليمن لدعم القوات المسلحة السودانية التي تقوم بتأمين الحدود ، وهذا هو الوضع الطبيعي،
لم يكن طبيعياً ظهور السيد دحلان في صورة مع ابي احمد ، واثيوبيا تحشد قواتها على الحدود السودانية.