خلف الاسوار
سهير عبد الرحيم
دار المايقوما… مقبرة الطفولة )٢(
أثناء تجوالى داخل العنابر، شاهدت طفلاً صغيراً تتم تغذيته عن طريق أنبوب المعدة، لم تكن المفأجاة وجود هذه الحالة! ففي الدار الكثير من الأطفال الذين تتم تغذيتهم عن طريق الأنبوب، ولكن المؤلم حقاً أنّ هذا الطفل تجمعت فقط داخل فمه وعلى وجهه عدد ست عشرة ذبابة!!
أي والله والصورة المرفقة توضح ذلك، )١٦( ذبابة بالتمام والكمال، التقطت الصورة وقمت بعدها بهش الذباب ولكنه عاد مرّةً أخرى للاحتفال فوق وجه الصغير!!
في السرير المقابل، طفلة أخرى تجمّعت طبقة سميكة من القشرة الصفراء على شفتيها وذلك بسبب حالة الجفاف الحاد الذي تعيشه وعدم الاهتمام بنظافتها!!
رضيعةٌ أخرى لا تقوى على الحركة وتعيش على أنبوب التغذية، فيما يحتل رأسها ضعف مساحة جسدها، لا شيء يُوحى بوجود الحياة فيها إلا عينان جميلتان تتنقلان في حالة أشبه بالإغماء… ذكّرتني بصورة طفلة فلسطينية كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد إصابتها في غارة إسرائيلية!!
في أحد العنابر، وجدت رضيعةً تصرخ من شدة الألم، واضحٌ أنها استمرت في نوبة بكاء طويلة حتى بردت أطرافها.. الصغيرة كانت تُعاني من التهاب واحمرار غير طبيعي في منطقة الجهاز التناسلي وذلك نتيجة لإهمالٍ واضحٍ في نظافتها وتغيير )الحفاض(.. الصغيرة لم يتم وضع مرهم لها أو بودرة أو أيّ شيء يُمكن أن يُسهم في تقليل الالتهاب، إنما تُركت عاريةً تتبرّز في ملاءة تحتها!!
في عنبر مجاور، وجدت أطفالاً أكبر سناً، أحدهم ظل واقفاً على سريره وهو ينظر من خلف زجاج النافذة، كان منطلقاً خلف خياله، لم أدر إن توقف تفكيره عند ساحة الدار أم تجاوزها الى المستقبل المظلم الذي ينتظره في وطنٍ يتقن سكانه تحميل أطفال المايقوما أخطاء غيرهم!!
الطفل كان يعاني من مرض )القوب(، المرض انتشر بشكل رهيب في فروة رأسه، ولم تصمد خصلات شعره الناعمة أمام طوفان القوب الذي أحاط بالرأس تماماً كالعمامة!!
في كل عنابر المايقوما، الرائحة النتنة حاضرة وبقوةٍ، وقبيلة الذباب عضوٌ أصيلٌ ومرحبٌ أيضاً بوجودها!!
النظافة غائبة تماماً في ما عدا الساحة الأمامية لبوابة الدخول والفناء الخلفي.. أما العنابر والحمامات ومغاسل الوضوء وزاوية الصلاة، فحدث ولا حرج!!
أترك لكم الصور لتحكي عن فوضى الطحالب والمياه الراكدة..!
خارج السور
كيف وقع العطاء لشركة النظافة.. وهل صحيح أنها مملوكة للمدير السابق؟!