* من المؤسف أن تنجح القوى المضادة للثورة في شق منظمة أسر الشهداء التي تثابر في مطاردة مجرمي مذبحة فض الاعتصام وسفاكي الدماء خلال ثورة ديسمبر المجيدة، وتقديمهم للعدالة والثأر لدماء الشهداء الغالية وتحقيق الطمأنينة لأسرهم والشعب الذي لن يهدأ له بال حتى يرى المجرمين معلقين في المشانق أو قابعين في السجون، مهما طال الزمن!
* قبل بضعة أيام اتهم والد الشهيد (عبدالسلام كشة) اللجنة التنفيذية للمنظمة بالانحياز للمكون العسكري وخيانة الثورة ودماء الشهداء، رافضاً الاستمرار في عضوية اللجنة التي شغل فيها منصب نائب الامين العام، وقال ان اجتماع الجمعية العمومية الأخير لم يحضره سوى 40 من أعضائها المسجلين الذين يبلغ عددهم أكثر من 200 عضو يمثلون أسر الشهداء، وجاء مخيباً لطموحات أسر الشهداء في استمرار المنظمة كجسم مصادم يعمل من أجل تحقيق أهدافه في القصاص للشهداء، مما اضطره للاستقالة والابتعاد عن اللجنة، مشيراً الى بيان المنظمة الذي تبرأت فيه من الخطاب الذي تلته ممثلتها في ذكرى فض الاعتصام، واتهمت فيه قائد قوات الدعم السريع ونائبه بارتكاب جريمة فض الاعتصام!
* كانت الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي تداولت بياناً غريباً حمل خاتم المنظمة، وصف الخطاب بالعمل الأحادي الذي قامت به جهة محسوبة عليه لا علاقة للمنظمة به، واتهمت من فعل ذلك بالمزايدة السياسية والمتاجرة الرخيصة!
* وحمل البيان اعتذاراً لقائد قوات الدعم السريع ونائبه لما أصابهم من أذىً شديد وظلم فادح وجرح غائر، من خطاب الكذب والنفاق والكراهية والحقد، وقطع بأن المنظمة ستضع الأمور في نصابها الصحيح، الامر الذي أثار ضجة كبرى واصاب الرأي العام بالحيرة والارتباك، وجعل الاسئلة الحائرة ترتفع في الاذهان وتتردد في المجالس عن ماذا يحدث داخل المنظمة، وهل وقعت في احضان من تكافح وتثابر لجرهم الى المحاكم والاقتصاص منهم؟!
* وقبل أن تهدأ الضجة وتزول الحيرة، فوجئ الناس بالمنظمة تنفي إصدار البيان، وكشف رئيسها ووالد الشهيد عباس فرح في تصريحات لصحيفتنا، عن تدوين بلاغ ضد الامين العام للمنظمة باعتباره الشخص الذي يحتفظ بالمستندات والاوراق والأختام، مضيفاً بأنه تم التحري معه لمعرفة ما إذا كان البيان الذي يحمل توقيعه وختم المنظمة صدر عنه أم انه بيان مزور، ولكن لم يكشف عن نتيجة التحريات!
* وجدد رئيس المنظمة تمسكهم باتهام المؤسسة العسكرية وكتائب الظل وحكومة الرئيس المخلوع والكتائب الطلابية الجهادية بارتكاب جريمة فض الاعتصام، لافتاً الى تضمين الاتهامات في المذكرة التي سلمتها المنظمة الى رئيس مجلس الوزراء والنائب العام، وقال بأن اتهامهم للدعم السريع لا يعني تبرئة الرئيس المخلوع عمر البشير وحكومته وعلي عثمان محمد طه وكتائب الظل من المشاركة في الجريمة، ولكن تم ذكر قوات الدعم السريع بالتحديد لأنها قامت بالدور الأكبر، وان لديهم صوراً وفيديوهات تظهر فيها عربات وقوات الدعم السريع!
* وقال والد الشهيد عبد السلام كشة للصحيفة، ان كافة الأجسام الثورية في مدن السودان قاطبة صُدمت بفحوى البيان الذي جاء ممهوراً بتوقيع وختم المنظمة وتم فيه الاعتذار لقوات الدعم السريع عن الاتهام الذي صدر في حقها من اللجنة التنفيذية للمنظمة في التاسع والعشرين من رمضان الماضي، وأضاف بأن اللجنة برأت ساحة اللجنة الأمنية (المجلس العسكري السابق)، وعادت لتعتذر لقوات الدعم السريع، متسائلاً، الى مَن توجه اللجنة التنفيذية الاتهام اذا قامت بتبرئة الجيش والدعم السريع من قتل الشهداء؟!
* كل ذلك ما يؤكد ان اعداء الثورة نجحوا في التسلل الى أحد أهم معاقلها واستمالة بعض الأعضاء الى جانبهم، لتحجيمها وتقييدها ومنعها من الاقتصاص للشهداء، بدليل الصراع الذي يحتدم داخل منظمة أسر الشهداء والاستقالات والبيانات والاتهامات المتبادلة وانعدام الثقة بين الاعضاء لدرجة فتح بلاغ من رئيس المنظمة ضد أمينها العام الذي يفترض أن يكون محل ثقة الجميع، بالإضافة الى عزوف اعضاء الجمعية العمومية عن حضور الاجتماعات، الامر الذي يدعو للأسف والاحباط والاكتئاب والتساؤل .. إذا كان ذلك يحدث في منظمة أسر الشهداء التي تمثل قلب الثورة النابض ورمز كفاحها، ففي من نضع ثقتنا بعد الآن، ومن يقتص لشهدائنا..؟!