تعقدت المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير بصورة سريعة، وبات أي منهما يبحث عن خيار جديد للتصعيد.
ما يحير أنهما وصلا إلى اتفاق قارب نسبة 90%، وهي درجة في التفاوض مذهلة وعظيمة، لكنها انهارت مع المتبقي القليل.
المحزن والمؤسف أن الخيارات المطروحة في التصعيد تحمل تداعيات كبيرة على كلا الطرفين، ودون تحيز لم يعد التفاوض يعني جهتين فقط، فقد اتخذ الشارع موقفاً لا يجدي معه “الإقناع” بعد أن عبئ وأصبح رافضاً للأغلبية العسكرية والرئاسة كذلك في المجلس السيادي.
في وقتٍ سابق من المفاوضات، حينما طرح البعض مقترحاً بأن يكون تمثيل المجلس السيادي (5+5) برئاسة دورية بين العسكر والمدنيين، كان حلاً أمثل يمكن أن يقبل به الطرفين، في ظل أجواء هادئة وإيجابية ومريحة.
سارت الأمور بطريقة درامية، فأكثر المتشائمين لم يعتقدوا للحظة، أن تصل الأمور إلى طريق مسدود بعد أن حسمت النقاط المهمة وتبقت الأقل أهمية.
خيار المجلس الأول على ما يبدو تعيين حكومة سريعة وإقامة انتخابات في ظل ستة أشهر.. وخيار قوى التغيير الأول إنفاذ إضراب وعصيان مدني شامل، ستبدأ اعتباراً من منتصف الأسبوع الجاري.
الخيار الأول يبدو فاشلاً بنسبة كاملة، فمن سيشارك في الانتخابات، أهي ذات الأحزاب التي كانت موجودة في الحكومة المخلوعة؟
وأي استقرار يمكن أن ينشده المجلس بهكذا مقترح يوجه استفزازات لأطراف كثيرة.
أما خيار قوى التغيير، يحيطه تحديات صعبة، أهمه مدى قبول المواطنين الذين قد يتضرروا بالعصيان من رداءة الخدمات المتمثلة في كهرباء ومياه واتصالات وإغلاق للطرق والجسور وصعوبة في الوصول إلى المستشفيات.. وكذلك ردة فعل المجلس على هذا الإضراب.
ففي السابق كانت الحكومة تنزعج بمجرد سماع كلمة عصيان وإضراب وتسارع لاعتقال مدبريه ومنظميه، فهل ردة فعل المجلس ستكون بذات المستوى أو حتى نصف المستوى؟
لا أعتقد أن المجلس سيكترث إن أغلق الثوار شارع العرضة أو الستين أو عبيد ختم، ولن يهتم بانقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات.. لأنه يشعر أنه غير معني الآن بتقديم أي خدمة للمواطن. الوساطة التي تسعى للتقريب بين الطرفين لم تصل لنتائج ولم تُقرب شيئاً بينهما، لكن استمرار المحاولة هي الخيار الأمثل والأفضل من اللجوء إلى تصعيد تبدو نتائجه مبهمة وبها كثير من الضرر..!