صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

خطبة الجمعة

19

ساخر سبيل – الفاتح جبرا 

خطبة الجمعة

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد إخوة الإسلام:

إن المتأمل في آيات القرآن الكريم، وأحاديث المصطفى – عليه الصلاة والسلام -، يلحظ تركيزاً واضحاً واهتماماً بالغاً بمسؤولية الكلمة وأمانة القول ، فالرقابة على ما ينطق به الإنسان لصيقة ودقيقة قال الله تعالى في الآية 18 من سورة ق : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، ولعمري إنها رقابة لصيقة شديدة دقيقة ورهيبة تُطْبِقُ عليك إطباقا كاملا شاملاً، لا تغفل منك أمرا هيناً ولا جليلا، ولا تفارقك كثيرا ولا قليلا. كُلُّ نفَسٍ معدود، وكل هاجسة معلومة، وكل لفظ مكتوب في كل وقت، وفي كل حال وحين ، وفي أي مكان، قل ما شئت، وحدِّثْ بما شئت، وتكلَّمْ بمن شئت؛ ولكن اعلم أن هناك مَن يراقب، وهناك من يسجِّل، وهناك من يعد عليك كلماتك وألفاظك في منزلك ، مكان عملك ، في مجالسك الخاصة ، في (الفيسبوك) في الواتساب في (تويتر) في كل مكان .

أستمع أيها المسلم وتأمل وتدبر هذه الآيات التالية إلا تثير في نفسك الرهبة والخوف والرهبة :

• (كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) الإنفطار 11-12

• (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) الأحزاب الآية 58

• (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء الآية 36

• (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النور 23-24

• وأخيرا قوله تعالي في الآية 14 من سورة الفجر : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) أي أن ربك راصد لك، ومسجل لكلماتك، ولا يضيع عند الله شيء.

أيها المسلمون:

إن مسؤولية الكلمة عظيمة والنبي الكريم عليه الصلاة والسلام يقول: (إنّ العبد ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله، لا يُلقي لها بالاً، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلّم بالكلمة من سخط الله، لا يُلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم).

والكلمة التي يرفَع بها العبد درجات، ويُكتَب له بها الرضوان، هي التي يدفع بها عن المسلم مظلمة، أو يفرّج عنه كربة، أو ينصر بها مظلوماً لذا فإن أمانة الكلمة تستوجب منك أيها المسلم الحذر من أن تكون شيطاناً ناطقاً، أو أخرس، فتتحدث حين يلزمك الصمت، أو تسكت حين يلزم الأمر أو النهي، وهل يغيب عنك أن من لوازم الإيمان قول الخير أو الصمت؟ (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).

أيها المسلمون:

إننا نغفل أو نتغافل فنُكثر في مجالسنا من القيل والقال، ونغتاب العشرات، فأمسك أيها المسلم عليك لسانك فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لما عُرج بي مررتُ بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: مَن هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في اعراضهم).

اللهم احفظ ألسنتنا إلا فيما يُرضيك، وأعِنَّا على ما يُقربُنا إليك من القول والعمل، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا مريضاً إلا شفيته ولا ميتاً إلا رحمته، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور ..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد