صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

خطبة الجمعة

16

ساخر سبيل

الفاتح جبرا
خطبة الجمعة

بسم الله الرحمـٰن الرحيم والحمد لله الذي أمَرَنا بالاعتصام بحبله المتين، وحذَّرنا من الفُرقة والفتن ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على مَن فصَّل لنا الأصول تفصيلًا، محمد بن عبدالله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه وكل مَن سار على دربهم إلى يوم الدين أما بعد :
عباد الله :
في هذه الخطبة بإذن الله تعالى نتوقف عند حديث من أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ، متأملين في دلالته ، ناظرين إلى معانيه متفكرين في مضامينه عسى الله تعالى أن ينفعنا بما فيه ، يقول فيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه -: (إنّ السَّعيد لَمَن جُنِّب الفتن) .
غني عن القول أيها الأحباب أن السعادةَ مَطْلَبُ وغاية كلِّ إنسان فمن منا يريد الشقاء لنفسه؟ ومِن شأن الفتنِ عندما تحل بالناس أن تُربِكُ سعادتَهم، وتُشتِّتُ أذهانهم، فيصير القلق والخوف ملازماً لهم .
وقد ثبت في الصحيح أنّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لأصحابه: (تعوَّذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن)، فقال الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- ونعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
أيها المسلمون :
إن مما يتضمَّنه هٰذا الحديث من معاني أنّ المسلم لا ينبغي له أن يطلب الفتن، وأن يبرز نفسه لها، وأن يقحم نفسه فيها، وأن يورِّط نفسه في إشكالاتها وتبعاتها، بل المطلوب منه أن يتجنَّبها، وأن يبتعد عنها، وأن يسعى في السلامة من شرورها، فتجنّب الفتن مقصد والأبتعاد والنأي عنها مطلوب لا التصدُّر لها وتوريط النفس فيها؛ فعلى الإنسان أن يتعوَّذ ويسأل الله السلامة لا أن يلقي بنفسه إلى ما فيه الشر والندامة ..
أيها المسلمون :
إن لتجنب الفتن ضوابط حتى تتحقق السلامة منها :
• أن يجاهد المسلم نفسه على أن يكون من المتقين، وأن يسلك بنفسه مسالك التّقوى، وأن يجاهد نفسه على تحقيقها والقيام بها وتأمّل في هٰذا المعنى قوله -تَبَارَكَ وَتَعَالىٰ : ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾ ، تأمَّل قوله: ﴿يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾ أي من كل بلاء وفتنةٍ وشرٍّ، والآية ظاهرة الدلالة على أنّ تحقيق التقوى سبيلُ النجاةِ من الفتن وتجنُّبها، (يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾ أي مَخرجاً من كلِّ بليَّةٍ وفتنةٍ وشرٍّ.
• لزوم كتاب الله وسنة نبيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والاعتصام بهما والتمسك بهما ، يقول الله تعالى في محكم تنزيلة : ﴿وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ ويقول -جلا وعلا-: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾.
• لزوم الجماعة والبعد عن الفرقة؛ قال – عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-: (الجماعة رحمةٌ والفُرْقَةُ عذابٌ)، كما قال – عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-: (عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة)، وقد حث النبي المسلمين إلى لزوم الجماعة والبُعْدِ عن الفرقة في كثير من الأحاديث ً.
• الرجوع إلى العلماء المشهود لهم بالفضل قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- في الحديث الصحيح: (البركةُ مع أكابركم) والمراد بالأكابر هنا أكثرهم تعلُّماً وتعليماً وتفقيهاً للناس وشفقة على الأمة والحذر كل الحذر من الرجوع إلى علماء الفتنة والسلطان .
• الأناة وعدم العجلة والبعد عن التسرُّع، ففي الرِّفق خيرٌ بل إنّ الرفق خير كلُّه كما قال – عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-: (ما دخل الرفق في شيء إلا زانه، ولا نُزِعَ من شيءٍ إلا شانه).
• حسن الصلة بالله والدعاء فالله –عز وجل- لا يردُّ عبداً دعاه، ولا يُخيِّبُ عبداً ناجاه، وهو القائل –سبحانه-: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ وهو القائل – سُبْحَانَهُ وَتَعَالىٰ-: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾
عباد الله :
إن مِن سِمَاتِ مَنهَجِ المُسلِمِ في حال الفِتَنِ التَّخَلُّقُ بِالصَّبرِ، إِذْ هُوَ العُدَّةُ في الشَّدَائِدِ وَالمِحَنِ، وَالسِّلاحُ الَّذِي تُوَاجَهُ بِهِ الابتِلاءَتُ ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ وَقاَل َ: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾.
اللهم جنب بلادنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم احفظ السودان واحفظ شعبه واحفظ شبابنا من كل سوء وأهلنا من كل شر اللهم لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين .. وأقم الصلاة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد