صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

حملٌ ثقيل  !

11

العصب السابع

شمائل النور

حملٌ ثقيل  !

ضجَّت مواقع التواصل الاجتماعي أمس محتفية بمشهد قلَّما يوصف بأنه حملٌ ثقيلٌ على الحكومة المقبلة. والد أحد شهداء ثورية ديسمبر يقطع المسافات سيرًا على الأقدام من ولاية الجزيرة حتى الخرطوم حاملًا على ظهره صورة ابنه اليافع الذي دفع روحه مع آخرين ثمنًا لأجل أن ينعم الآخرين بالحياة التي يتطلع إليها الجميع.
هذه الحكومة التي ستعلن قريبًا بعد التوقيع على وثائق الانتقال اليوم عطفًا على مواجهتها تحدي الوضع الاقتصادي المنهار وملفَ السلام الذي لم تنجح فيه حتى الآن، ولو باستصحاب حركة مسلحة واحدة، فجميع الحركات الآن كما كان عليه الحال إبان حكومة البشير، وتواجه كذلك عملية التأسيس لبناء دولة قانون ومؤسسات تلبي حاجات الثورة، عطفًا على كل ذلك هي مواجهة بتحدي الآمال العراض المعلِّقة فيها.
هذا الرجل الذي قرر الوصول إلى الخرطوم سيرًا على قدميه حاملًا صورة ابنه الشهيد في مشهد جسَّد مطلبًا رئيسيًّا وقضية لها الأولوية بالنسبة لأسر الشهداء أولًا وبالنسبة لتأسيس دولة يتساوى فيها الناس أمام القانون.
قضية العدالة ورد المظالم حاضرة بقوة أمام العالمين، صور الشهداء في كل مكان مجازر الإبادة في أقاليم الحروب، الآلاف الذين تشردوا ونزحوا وقُتلوا.
سيكون من المفيد جدًّا أن تبدأ الحكومة الجديدة بتأسيس مشروع للعدالة والتعويض لهؤلاء، وما لم يتم التعامل بصرامة ومسؤولية وجدية مع هذه الدماء التي لا زالت تسيل، سوف يصبح سفك الدماء أسلوب حياة.
مشهد هذا الرجل الذي قطع هذه المسافة سيرًا يؤكد الحاجة الشديدة والملحَّة للمحاسبة ووقف سفك الدماء المجاني بأسرع ما تيسَّر.
لن تحوذ الحكومة الجديدة على ثقة الشارع إذا تسلَّل إليه مجرد شعور أن مسألة دماء الشهداء قابلة للمساومة، أدنى شعور مثل هذا سوف تكون عواقبه وخيمة.
أجهزة القتل لا تزال موجودة وحاكمة، حاملو السلاح لا زالوا ممسكين به، القتلة لا زالوا يتمتعون بكامل الحرية في الحركة بل لم يتسرب إليهم أي شعور بالمضايقة ولا حتى الملاحقة.
هذه الثورة لابد أن تكون فرصة لتأسيس مشروع دولة تضع حقوق الإنسان في قمة أولوياتها، تتعامل معها بجد وبصدق وليس كملف سياسيٍّ قابل للمساومات. لابد أن نضع حدًّا لإهانة الإنسان واسترخاصه.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد