يَبدو أنّ الأشهر الستة التي أعقبت سُقوط الحكومة لم تكن كافية لأن يشعر السودانيون بالتغيير الملموس في حياتهم اليومية، وأن تشكيل الحكومة الذي ناهز الأشهر الثلاثة ليس وقتاً كافياً لأن تزول أزمات الناس أو تنحسر قليلاً، خَاصّةً تلك التي استمرّت لسنوات طوال وكانت سبباً رئيساً في خروج الجماهير الهادرة للشوارع واندلاع الثورة، والمُتمثلة في “المُواصلات، الخُبز، الدواء …إلخ”، فهل يحتاج وضع حَدٍّ لها كل هذا الوقت؟، وهل ثمة ما يعيق الوصول إلى حُلُول في تلك الملفات؟
الأزمات قائمة
“الوضع القائم أصبح أكثر سُوءاً وتفاقمت الأزمات أكثر مِمّا كانت عليه في العهد البائد”، هكذا وصف الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي د. إدريس سليمان الراهن العام، وقال إنّ السبب هو عدم وجود خُطة سليمة وعدم وجود برامج قوية للحكومة، إضافةً لضعف القُدرات والكفاءات الإداريّة، وهذا الوصف بحسب إدريس ينطبق على أفراد الحكومة جميعاً بالجُملة، والضعف في أيِّ جُزءٍ من الحكومة، فهو كما يقول سليمان ينسحب على الأداء العام للدولة، هذا إضافة إلى أنّهم تركوا الأزمات الحقيقية وانشغلوا بالمعارك الانصرافية.
من جانبه، أقرّت قِوى إعلان الحُرية والتّغيير بوجود بطءٍ في أداء الحكومة الانتقالية، وقال القيادي بالتغيير د. كمال بولاد لـ”السوداني”: رغم ثقل الخُطى نحو حل أزمات، إلا أنه لا يتوقّع الإصلاح بالسُّرعة التي يتوقّعها الكثيرون، وهذا بحسب بولاد لا ينفي أنّ الحكومة الانتقالية تمضي بخطواتٍ في مُحاولة الإصلاح ومُعالجة الخلل الاقتصادي الذي أدى إلى هذا الوضع غير الطبيعي.
الفشل الذريع
قال الأمين السياسي للحزب د. إدريس سليمان لـ”السوداني”: إذا أرادت الحكومة وَضع حُلُولٍ للأزمات القائمة لفعلت، لأنه ليست هنالك مُشكلة بلا حَلٍّ ولا يوجد مُستحيل، فقط تضع الخُطط وتبدأ في اتّجاه الحل، خَاصّةً أنّ البلاد غنية بالموارد وإنّما فقط سُوء إدارتها هو ما يُسبِّب الأزمات، وطبقاً لإدريس فإنّ تصريح قِوى الحرية والتغيير في مُؤتمرها الأخير بأنّ الدقيق مَوجودٌ لكن هنالك مُشكلة في التوزيع وسُوء في الإدارة، ويتساءل إدريس لماذا جاءت الحكومة إذن طالما أنّ سُوء الإدارة ما زال يُلازمنا؟ ويُضيف: لو كانت الحكومة السابقة أحسنت الإدارة لما سقطت، إذا أنت أسأت الإدارة اذهب مُباشرةً، ولماذا لا تكون هنالك استقالات طالما أنّهم موجودون في الحكومة والأزمات قائمة وباعترافهم؟ إذن هم المشكلة ويجب أن يُغادروا!!
مِن جانبه، اعتبر القيادي بقِوى الحرية والتغيير د. كمال بولاد، أنّ بُطء الحكومة في إنجاز مَهامها بالصورة المَطلوبة يعود إلى أنّ التخريب الاقتصادي والاجتماعي والفساد الذي أحدثه النظام السّابق حَجمه كَبير جداً، ويُشير إلى أنّ الخراب شمل كافة المناحي حتى على سبيل الممارسة السياسية، وعلاقة السلطة بالشعب، لذلك فإنّ التركة ثقيلة، ويلفت بولاد في حديثه لـ”السوداني” إلى أنّه يرأف على حال الحكومة القائمة في مُواجهة هذا الواقع..!
العباقرة
قِوى الحرية والتغيير التي أسماها د. إدريس سليمان بالتحالف الحاكم ووصفهم بـ”العباقرة” ساخراً، وأكد أنّ تدخُّلهم في العمل التنفيذي خطأ كبيرٌ ويُدلل على أن الحكومة عاجزة حتى التعبير عن نفسها، والمُدافعة عن ما تقوم به، وطبقاً لقوله فإنّهم أدخلوا الحكومة في مأزق ومتاهة كبيرة، لجهة أنهم أحزاب أقلية ومُكوِّنات صغيرة تولّت مسؤولية جسيمة لا تستطيع حملها.
في وقتٍ أكّد فيه القيادي بالحرية والتغيير د. كمال بولاد على أنّ التركيز على إصلاح معاش الناس ضرورة قُصوى، خاصّةً فيما يتعلّق بأسعار السلع والمُواصلات العامة، ويشدد بولاد أنّ مُعالجة هذه الأمور تتم بأن تُكثِّف الحكومة جُهُودها لوضع مُعالجات إسعافية عاجلة لهذا الوضع المعيشي، ويتابع: ننتظر استجابة سريعة لحل الأزمات القائمة.
تقييم الأداء
وعن ما إذا كان الوقت باكراً لتقييم الأداء، يقول الأمين السياسي للحزب الشعبي د. إدريس سليمان إنّ الوقت يُعتبر كافياً جداً لتقييم الأداء، وطبقاً لإدريس فإنّ الجواب يكفيك عنوانه، ويضيف في حديثه لـ”السوداني” أنه من أول لحظة إذا كانت هنالك خارطة طريق سليمة لوصلنا إلى بر الأمان، ولشعر الناس بالتغيير في حياتهم، لكن هؤلاء – بحسب إدريس – قد دخلوا في متاهة يصعب الخُرُوج منها لعدم امتلاكهم لخطة عمل واضحة وقوية، هذا فَضلاً عن أنّهم ذاهبون على غير هدى لذا فلن يصلوا!! ويلفت إلى أنّه في كافة حكومات العالم هنالك برنامج المائة يوم إذا نجحت فيه الحكومة فستُكمل نجاحها ويطمئن الناس وثقتهم فيها ترتفع، لكن هذه الحكومة لم نَرَ منها برنامجاً لمائة يوم أو مائتي يوم، وتوقّع إدريس أن تنتهي فترتهم دون عمل يُذكر. مُشيراً إلى أنّ السخط على أداء الحكومة بات مُلاحظاً، ففي بعض الولايات هنالك تظاهرات لا تزال تخرج للمُطالبة بحل الأزمات، لأنها احتياجات أساسية لا غنىً عنها في الحياة وقد كانت سبباً في إسقاط الحكومة السابقة!!
الوزراء “الكوارث”
اعتبر حزب المؤتمر الشعبي أنّ التعويل الكبير على رئيس الوزراء لحل الأزمات ليس منطقياً لأنّ الرجل ليس عبقرياً، فالحكومة الناجحة – بحسب د. إدريس سليمان – هي التي تعمل عبر مُؤسّساتها ولا تُركِّز على أفراد، هذا فَضْلاً عن أن حَمدوك شَخصٌ ظلّ بعيداً عن الوطن لسنواتٍ، ويحتاج لوقتٍ حتى يفهم طبيعة مشاكل السودان، ويمضي في حديثه لـ”السوداني”: للأسف ليس لدينا وقتٌ لنتركه يتعلّم ويبدأ من جديد، الشعب يُريد حلولاً عاجلاً لأزماته!!
وفيما يختص بأداء الوزراء، قال سليمان إنّ هؤلاء “كوارث” وليسوا وزراء، وزير بـ”جرة” قلم أوقف 2 مليار دولار، والسودان أحوج ما يكون لها، وآخر يبحث عن عبدة الحجارة ليعطيهم حُقُوقهم.